مقاربة الوساطة والصلح من أجل الحفاظ على المؤسسة الأسرية.

الوطن 24/ بقلم: المختار الزو *

المختار الزو

تعتبرالأسرة نظاما إجتماعيا متكاملا مع باقي أنظمة المجتمع الأخرى التعليمية والإقتصادية، كما أنها الوسط الطبيعي الذي ينشأ فيه الطفل ويتلقى المبادئ والقيم الإجتماعية التي توجه سلوكه في المجتمع. فهي الدعامة الأولى والإطارالذي يتلقى فيه الإنسان أولى دروس الحياة الإجتماعية.

 والملاحظ اليوم هوأن معظم الأسرأصبحت تعرف العديد من المشاكل نتيجة للتطوروالتغير الإجتماعي الحاصل في المجتمعات، إذ يعتبر التفكك الأسري أحد أهم المشاكل التي تعاني منها جميع المجتمعات بما في ذلك المجتمع المغربي

من هنا جاء التفكير في آليات تساعد الأسرة على إسترداد دورها في بناء المجتمع على أسس ثابتة يكتنفها الحوارالبناء، والتشارك الإيجابي، بما يعين أفرادها على صيانة حقوقهم، والحفاظ على تحقيق الوحدة والتماسك والإستقرار. وتدبيرالنزاعات بين أفرادها بطرق سليمة

 وتختلف الوساطة العائلية عن إجراءات العدالة بكونها لا تعمل وفق توجيهات المحامي أوالقاضي، بل تتوصل إلى إتفاقيات بفعل مساهمة الأزواج أنفسهم، وكثيرا ما توظف قصد مرافقة الزوجين عبر الإنتقال من “الأسرة الزوجية” إلى “الأسرة الأبوية” التي تستمربعد حصول الطلاق . ويقتضي القيام بوساطة عائلية مدة تتراوح ما بين شهرين إلى ستة أشهر؛ ومابين ثلاث إلى عشر مقابلات كما يتعين مراعاة أطوار معينة في الوساطة، وتقنيات مقابلة محددة وتتمتل أهمية الوساطة في مايلي:

– محدودية التكاليف مقارنة مع كلفة التقاضي أوالتحكيم 

– تحقيق مكاسب مشتركة لطرفي النزاع

– قد تسمح بتقليص حدة الخلاف والتراجع عن الطلاق

– المحافظة على العلاقات الودية بين الخصوم.

 ومن ناحية التطبيقية فإن الوساطة في حد ذاتها وبمفهومها العام وغايتها المحددة في محاولة التوفيق بين الأطراف للوصول إلى حل ودي تصالحي لنزاعاتهم ليست غريبة عن مجتمعنا وثقافتنا الإسلامية ذلك أن الصلح والوساطة والتحكيم ظهر قبل قضاء الدولة وقبل الدولة نفسها وآأن ما يعرف اليوم بالوسائل البديلة ليس سوى رجوعنا إلى الماضي.

وفي هذا الإطارخلقت الورشة التشاركية المنظمة بين وزارة العدل المغربية والمنظمة الأمم المتحدة ومنظمة اليونيسيف إلى تبني تعريف خاص بالوساطة الأسرية وذلك كالتالي هي مؤسسة إختيارية غيرقضائية لحل جميع النزاعات الأسرية يقوم فيها طرف ثالث محايد وكفء بمساعدة الأطراف بطلب منهم أو بإحالة من القضاء الأسرة للتوصل إلى حل رضائي توافقي لا يتعارض مع القانون ومع النظام العام في إطار إجراءات سرية لا يطلع عليها إلا الأطراف أوالجهة القضائية الآمرة بإنجازها ولا يحتج بنتائجها ولا بما أدلي فيها في نزاع أخر.

 وتعتبرالوساطة كإحدى الطرق البديلة لحل النزاعات الأسرية وبشكل كبير ومباشرفي تخفيف العبء عن المحاكم والإبقاء على تماسك العلاقات الاجتماعية بين الأسروالحفاظ على عرى الزوجية بين الأزواج.

وعليه فمهما إختلفت المسميات بين هذه الطرق، فإن الغاية تبقى واحدة ألا وهي الإصلاح والتوفيق.

وإذا كانت مدونة الأسرة لم تشرفي نصوصها إلى مصطلح الوساطة فإنها نصت في مادتها 82 على أنه للمحكمة أن تقوم بكل الإجراءات بما فيها إنتداب حكمين أومجلس العائلة آومن تراه مؤهلا لإصلاح ذات البين فتكون بنصها هذا قد فتحت الباب على مصراعيه لقاضي الصلح لإتخاذ كل ما يراه مناسبا وضروريا لإصلاح ذات البين بين الزوجين والإستعانة بكل من يراه مؤهلا للقيام بهذه العملية.

*المختار الزو باحث في علوم القانونية و علوم التربية وديداكتيك .