ملـــــيـنا

الوطن 24/ بقلم: الشاعرة المغربية الأندلسية نادية بوشلوش عمران

ملينا تغني التانغو

في كل لليلة

راقصة لتانغو

بإتقان لم يسبق له نظير

في كاتينا كوادا لخارى

في ليلة شتوية ماتعة

 كانت سهرة غناء حامية

ورقص تانغو يكسر الدنيا

وفي كل مقطع

 ملينا كانت تبكي بحرقة

تحرق دموعها خديها

تبتسم، وبشفتيها الحمراء

تحرق جموع الراقصين

فيزداد الجو سخونة

ملينا تضع قلبها

على كل نغمة

تتذكر بوينس آيرس

حينما كان يختفي القمر

 تحث سحابة سوداء

كانت ملينا تدخن

 بعصبية سيجارة

وتكسر كأس من خمر

وكوؤس فوق طاولة

 من الشامبانيا

وتقطف رجلا أندلسيا

تقتل فيه عواصفها

البوناريسية اللعينة

يجن جنونها حينما ترقص

تكسر كل ربوع الكاتينا

زهرة حمراء،

وكعب عال أحمر جذاب

في رقصة التانغو

يحلو الغناء

ملينا هي الزهرة

وهي الجاردانيا

هي الحلوى

وهي عشبة الماريا

يهتفون:

أحمر شفاه يغري

 يا ملينا

فستانك الأحمر يطير

 يا ملينا

شعرك الأحمر يقطع الرقاب

 يا ملينا

حذائك الأحمر، يثير الإعجاب

 يا ملينا

أنت فاكهة محرمة شهية

يا ملينا

أنت فنانة رقيقة عظيمة بهية

يا ملينا

قنبلة الموسم أنت يا ملينا

أنت ملاك حسن وجنية بارعة

يا ملينا

تغني ملينا التانغو

وفي صوتها عطر

يفوح ياسمينا

وبحة تعلو وتنخفض حزينة

تتذكر ملينا بلدتها ببوينيس آيرس

تسقط أرضا بكلام أرجنتيني مغمغم

تزيد ملينا الحانة فتنة

يصفقون، معجبون

يهتفون:

أنت رائعة يا ملينا

Guapísima Melina

, جميلة يا ملينا

أنت جميلة يا ملينا

يهتفون:

Melina

Melina

Melina

ملينا

ملينا

ملينا

ملينا في أغنيتها

تشجن، تتألم، تتدحرج

تجول، تعلو، تسقط

تنخفض تطير

تحملق، تتقطع

تتكسر، تغمغم

تبوح تصمت

ملينا

بالرغم من جنون الراقصين

وبالرغم من صوت الأحذية الفرحة

على نغمات الساكسفون

وعلى نغمات قيثارة الشيلو

وفي تلك الأضواء الخافتة

تتذكر ملينا بوينس آيرس

تتذكر بلادها الأرجنتين

وبالرغم من تصفيقات المتفرجين

ملينا، في أغنية التانغو

هي إنسانة منسية

بالرغم من إثارة الفتنة

تحث تسكع راقصي التانغو

ملينا بشعرها الأحمر الأرجنتيني

فاتنة جميلة

Que viva Melina

Que viva Melina

ملينا تغني التانغو

ملينا ترقص التانغو

وفي رقصتها الأخيرة

رقصة حزينة

تعود طائرة للطفولة

تعود طيرا حزين

في صوتها بحة رقيقة أليمة

كروان يحكي غنائه ورقصاته

حركاته وكل ذكرياته

نغماته حزينة داكنة

نظراته غريبة

يطل بخجل حزين

 من وراء فجر 

كانت ولادته عسيرة

ملينا هي الكروان

ملينا، هي تلك الإنسانة الحزينة

بالرغم من غناؤها لتانغو

وبالرغم من رقصات المعجبين

غابت رومانسية ملينا

 تحث أحذية الراقصين

مع كؤوس الخمر الأسود

مع شغف المتذفقين

وسكرى وغمغمات المعجبين

ملينا تغني التانغو

بإثقان وحب

ملينا

رسولة تانغو

ملينا نبية خمر معتق

ملينا آلهة أرجنتينية

شعر طويل أحمر

عينان خضرائتان

ملينا آلهة الجمال

الإغريقية واليونانية والرومانية

والآن، آلهة جمال أرجنتينية

تغني ملينا

بصوت أليم 

خلف ظل الراقصين

تتذكر طفولتها الجميلة

ودميتها الخشبية

تتذكر منزلها القديم

تتذكر جدتها العجوز

بشيبها وبإبتسامتها العطوفة

تتذكر صوت أمها العذب

تتذكر قطتها الصغيرة

تتذكر ترانيم الكنيسة المنسية

تتذكر قصة مارايا الغجرية

تتذكر صور ماريا العذراء

على جدران الكنيسة

تتذكر

كيف كانت

أغانيها الطفولية

آه يا زمن آه

ما أجمل تلك الطفولة

في بوينس آيرس،

حقا كانت طفولة شقية.​