واقع تجربة الدراسة في المدرسة المغربية: بين المفارقات والتحديات
الوطن 24/ بدر شاشا
منذ كنت صغيرًا، وأنا أعيش تجربة الدراسة في المدارس المغربية، شهدت مفارقات تُلقي الضوء على واقع تحديات النظام التعليمي. في مرحلة الابتدائي والثانوي والجامعي، كانت المفارقات واضحة ومؤلمة في الغالب، فالتمييز والتفرقة كانت سمة ملحوظة في السلوكيات والتعاملات.
بدايةً، كان من الملفت للنظر رؤية بعض الأساتذة يميزون بين الطلاب بناءً على أوضاع أسرهم الاجتماعية والمالية. فكانوا يتعاطون بتفاوت شديد مع أبناء الأسر الميسورة، معاملة لطيفة وتشجيع مستمر، بينما يتجاهلون الفقراء أو يعاملونهم باستهتار. هذا التمييز ينعكس أيضًا في تقدير الجهود والأداء، حيث يتم انتقاء الأبناء للأسر الغنية بعناية أكبر وتقدير أكبر لمجهودهم.
وكان هناك أيضًا تفاوت واضح في التعامل مع الطلاب الذين يعملون جهودًا إضافية، سواء في الدراسة أو في الأنشطة المدرسية الإضافية. بينما يحظى هؤلاء بتقدير واهتمام إضافي، يُعامل الطلاب الذين ليس بإمكانهم الاجتهاد بنفس الطريقة بانفعال وازدراء.
لا يمكن إنكار أن هناك أساتذة يقومون بواجباتهم بشكل مثالي ويتعاملون مع الطلاب بإنصاف واحترام، لكن هذا ليس الحال دائمًا. فهناك من يفتقد إلى الأخلاقيات المهنية ويتجاوز حدوده بتمييزه واستهتاره.
ومن بين التحديات التي تواجه الطلاب الفقراء أيضًا، هو التنقيط المتحيز والظالم، حيث يتم تقييم أداءهم بشكل أقل اعتبارًا لظروفهم الاجتماعية والاقتصادية. هذا التمييز ينتج عنه انحيازات تؤثر على مسار حياتهم التعليمي والمهني، وقد يكون له تأثير سلبي كبير على مستقبلهم.
ومن المهم أيضًا أن نشدد على أن تعليم الطلاب ليس فقط مسؤولية المدرسة والمعلمين، بل يتطلب مشاركة فعّالة من الأسرة والمجتمع أيضًا. يجب على الأهل دعم أبنائهم وتشجيعهم على الدراسة، بغض النظر عن ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية. وعلى المجتمع بأسره أن يعمل على توفير فرص متساوية للتعليم، ومكافحة التمييز والظلم الذي قد يعاني منه الطلاب الفقراء.
بالإضافة إلى ذلك، يجب على النظام التعليمي أن يتخذ إجراءات فعّالة لضمان عدالة الفرص في التعليم، وتوفير بيئة تعليمية تشجع على التفوق والإبداع لجميع الطلاب بغض النظر عن خلفياتهم الاجتماعية. ينبغي توفير برامج دعم إضافية للطلاب الفقراء، مثل المنح الدراسية والدورات التعليمية المجانية، لمساعدتهم على تحقيق طموحاتهم الأكاديمية.
يجب أن نعمل جميعًا كمجتمع واحد على بناء نظام تعليمي عادل ومتساوي، يوفر الفرص للجميع دون تمييز أو تحيز. وعلينا أن ندرك أن قوتنا كمجتمع تكمن في تمكين كل فرد وتوفير الفرص لتحقيق أحلامه وطموحاته، بغض النظر عن مكانته الاجتماعية أو الاقتصادية.
جب أن ندرك أن التعليم هو حق لكل فرد، بغض النظر عن أوضاعه الاجتماعية أو الاقتصادية. وعلى الأساتذة أن يتحلىوا بالعدالة والإنصاف في تعاملهم مع الطلاب، وأن يعتبروا الفقراء شركاء في مسيرة العلم والتعليم، لأنهم قد يكونون الفارق في بناء مستقبل مجتمعهم ووطنهم.
لكي نصلح التعليم يجب إصلاح أنفسنا أولا