ورشة تكوينية لفدرالية رابطة حقوق النساء لفائدة المتمرنات والمتمرنين في خطة العدالة
الوطن 24 / متابعة
نظمت فدرالية رابطة حقوق النساء وشبكة نساء متضامنات بتعاون مع وزارة العدل يوم السبت 13 يوليوز 2019 ورشة تكوينية لفائدة المتمرنات والمتمرنين في خطة العدالة حول مقاربة النوع الإجتماعي والمقاربة الحقوقية.
استهلت أشغال الورشة بكلمة إفتتاحية للجهات المنظمة أكدت على أهمية تنظيم هذه الورشة على ضوء المستجدات التي شهدتها الساحة الوطنية بعد القرار الملكي التاريخي بتمكين المرأة من ولوج خطة العدالة. وفي هذا السياق ذكرت سعيدة بلحديد عن الفدرالية أنها تعمل على تقوية القدرات النسائية للتمتع بكافة الحقوق الأساسية والقضاء على كل أشكال التمييز ضد النساء وعلى كل أشكال العنف ضدهن وتغيير العلاقات الإجتماعية المبنية على التراتبية والسيطرة الذكورية وبناء علاقات قائمة على المساواة بين النساء والرجال وإحترام حقوق الإنسان.
وأضافت أن الفدرالية تعمل على تحقيق أهدافها إعتمادا على عدة وسائل على رأسها تنظيم الدورات التكوينية بغية تعزيز قدرات النساء، ثم الترافع من أجل تغيير كافة القوانين التمييزية. معتبرة أن خطة العدالة مجال جديد اقتحمته المرأة المغربية وستثبت جدارتها في القيام بهذه المهمة.
وأشارت المحامية وعضو الفدرالية فتيحة شتاتو أن تمكين المرأة من ولوج خطة العدالة مبادرة تندرج ضمن السياق العام المغربي الذي خلقه دستور2011، والذي نص في الفصل 19 بشكل واضح على المساواة بين الجنسين وأحدث هيأة المناصفة ومحاربة التمييز وكرس حقوق الإنسان، واعترف بمبدأ سمو المواثيق الدولية على التشريع الداخلي، لذا “لم يعد مقبولا إبقاء أي مجال من المجالات حكرا على الرجال، لا سيما بعدما أستطاعت المرأة المغربية أن تخترق كل المجالات وتثبت جدارتها، مشيرة إلى أن إقصاء النساء لمدة عقود من ممارسة خطة العدالة شكل حيفا ضدهن، لا يمكن أبدا تبريره.
واعتبر رئيس المجلس الجهوي لعدول استئنافية الرباط عبد الغفور حجي أن ولوج النساء إلى خطة العدالة هو تكريس لمبدأ دستوري يقضي بالمناصفة، وهو ضرورة من أجل النهوض بالمهنة، واعتراف بالتقدم الذي حققته النساء في جميع المجالات، معتبرا أن هذه التجربة تحتاج إلى تضافر جهود جميع المتدخلين قصد إنجاحها، ومؤكدا عدم وجود أي مانع قانوني أو شرعي قد يمنعهن من ممارسة هذه الخطة، وأن المسألة تتعلق بالعقليات التي ينبغي تغييرها، وهي ذات العقليات التي كانت ترفض بالأمس القريب وصول النساء إلى مراكز صنع القرار ومن بينها ممارسة مهنة القضاء، بل وكانت هذه العقليات المحافظة ترفض الإعتراف بالعدول الشباب الذين تمرد بعضهم على الزي التقليدي وارتدوا زيا عصريا، فالمسألة تحتاج إلى وقت لقبول التغيير، والبيئة المغربية مهيئة لمثل هذه التحولات في سياق الدستور الجديد.
وأضاف رئيس المجلس الجهوي للعدول أن دخول النساء إلى خطة العدالة لحظة مناسبة من أجل إعادة النقاش من جديد حول ضرورة مراجعة القانون المنظم لخطة العدالة لمواجهة الإشكاليات التي كشف عنها التطبيق العملي طوال الفترة السابقة، مع ضرورة إستفادة مهنة العدالة من برامج التحديث والرقمنة.
أشغال الورشة قام بتأطيرها الدكتور أنس سعدون الباحث في قانون الأسرة المغربي والمقارن، الذي قدم نبذة موجزة عن خطة العدالة كمهنة حرة ينظمها القانون رقم 03-16، وتعتبر من المهن المساعدة للقضاء، وتخضع لرقابة مزدوجة من وزير العدل والقاضي المكلف بالتوثيق بمختلف المحاكم، وقد حددت ديباجة القانون المنظم للمهنة صلاحيتها في: “توثيق الحقوق والمعاملات والحفاظ على أعراض الناس وأنسابهم وتحضير وسائل الإثبات، التي تمكن القضاء من فض النزاعات والفصل في الخصومات، بالإضافة إلى المساهمة في التنمية العقارية والاقتصادية والاجتماعية، وتحصيل الموارد وضبط الواجبات المفروضة على المعاملات العقارية وغيرها”. وأضاف أنه بالرجوع الى القانون المنظم لخطة العدالة يتبين أنه لا وجود لأي نص قانوني يجعل الذكورة شرطا لولوج هذه المهنة، حيث إن الصيغة التي جاءت بها المادة الرابعة من القانون المذكور هي الصيغة المعهودة في باقي القوانين المنظمة للمهن القضائية الأخرى كقانون مهنة المحاماة أو مهنة المفوضين القضائيين أو قانون مهنة التوثيق، والتي يقبل فيها ترشيح المرأة. معتبرا أن هذا القرار من شأنه المساهمة في تغيير الصور النمطية والغاء آخر مظاهر التمييز ضد النساء في الوظائف والمهن.
وخلال أشغال الورشة رصدت المشاركات والمشاركون بعض العراقيل التي قد تواجه النساء في خطة العدالة، على رأسها إستمرار العقلية الذكورية والصور النمطية والتأويل المحافظ للنصوص الدينية قصد تقييد حقوق الإنسان للنساء، فضلا عن صعوبات أخرى تتعلق بالمهنة التي تعرف إستمرار التمييز بين التوثيق العدلي والعصري، وتغييب النساء عن مراكز صنع القرار، ومن بينها منصب قاضي التوثيق، فضلا عن الأجهزة التمثيلية والتقريرية للمهنة، إلى جانب التخوف من اقصاء النساء من إبرام بعض العقود.
في المقابل تم تسليط الضوء على عدة معطيات تشكل فرصا لانجاح تجربة ولوج النساء إلى خطة العدالة، على رأسها السياق الحقوقي الذي يعرف تواجد دستور متقدم يقر مبدأ المساواة بين الجنسين، وسمو المواثيق الدولية على التشريع الداخلي، ورفع التحفظات عن إتفاقية سيداو، ووجود مجتمع مدني قوي وفعال، ورصيد متميز راكمته الجمعيات النسائية، فضلا عن أن المبادرة في حد ذاتها جاءت عن طريق قرار ملكي؛ كما أن البيئة المغربية أضحت أكثر تقبلا للمساواة بين الجنسين وتمكين النساء، فضلا عن ما يمكن أن تشكله هذه المبادرة من مدخل لتحديث المهنة ومراجعة إطارها القانوني في خضم ورش التحديث الذي تعرفه كافة المهن.
وقد عرفت الورشة مناقشة عدة نوازل عملية، حيث شكلت محورا لتسليط الضوء على مهام السيدات والسادة العدول خاصة في مجال مدونة الأسرة اذ تم إستحضار الجانب العملي ومناقشة عدة إشكاليات تطرحها الممارسة.
واختتمت أشغال الورشة التكوينية بتقديم توصيات تهم من جهة النهوض بالمهنة، ومن جهة أخرى تشجيع تجربة النساء الممارسات لخطة العدالة، ومن أبرزها :
-ضرورة مراجعة القانون المنظم للمهنة؛
-تكريس إستقلال خطة العدالة عن قضاء التوثيق وعن النساخة؛
-إقرار مبدأ التلقي الفردي وهو ما سيشجع تجربة النساء في خطة العدالة؛
-تغيير مصطلح “الأجور” بمصطلح الأتعاب، ومراجعة التعريفة المحددة؛
-مراجعة النظام التأديبي؛
-ضمان التغطية الإجتماعية والصحية؛
-تكريس حق العدول نساء ورجال في حرية التعبير والتنظيم؛
-توحيد نظام التوثيق والغاء التمييز بين صنفيه العدلي والعصري؛
-تخصيص لباس مهني موحد للنساء والرجال العاملين في خطة العدالة؛
-إحداث معهد متخصص للتكوين في خطة العدالة؛
-تعيين العدول في القنصليات وإقرار مبدأ المساواة بين الجنسين في هذه التعيينات، إحتراما للتخصص، ومراعاة لمقاربة النوع الإجتماعي؛
-التخلي عن مذكرة الحفظ لمواكبة الرقمنة ومسايرة مشروع المحكمة الرقمية؛
-إقرار مدونة للأخلاقيات المهنية؛
-إعداد دليل خطة العدالة؛
-إقرار تدابير التمييز الإيجابي لضمان وصول النساء إلى مراكز صنع القرار في مهنة خطة العدالة.
-إنفتاح الإعلام على تجربة ولوج النساء إلى خطة العدالة؛
-مواكبة الجمعيات النسائية لتجربة ولوج النساء إلى خطة العدالة من خلال التتبع والتأطير والتكوين.