أليــس مــن المسؤوليــة أن تُقــدِّم حكومــة المغــرب استقالتهــا؟

في مغرب يعيش على إيقاع الغلاء، وتراجع القدرة الشرائية، واحتقان اجتماعي غير مسبوق، بات السؤال أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى: أليـس مـن المسؤوليــة أن تُقـدِّم حكومـة المغـرب استقالتهـا؟

لقد تحوّل الأمل الذي رافق تشكيل الحكومة إلى خيبة تُثقل كاهل المواطن المغربي، بعد أن غابت الحلول الجذرية، واستُبدلت الوعود بالخطابات، والتدبير بالتبرير. فالمغاربة الذين انتظروا إنقاذهم من أزمات المعيشة، وجدوا أنفسهم أمام حكومة تبدو عاجزة عن مواجهة الواقع أو حتى الاعتراف بفشلها.

الواقع أن الشارع المغربي لم يعُد يطلب المستحيل، بل فقط حكومة تُحس بمعاناته وتتحمل مسؤوليتها كاملة. فكيف لحكومة ترفع شعار “الدولة الاجتماعية” أن تُشرف على واحدة من أصعب الفترات الاجتماعية في تاريخ المغرب الحديث؟ كيف يمكنها أن تبرر الصمت أمام الغلاء، وتردّ بالعجز أمام البطالة، وتكتفي بالشعارات في زمنٍ يحتاج إلى قرارات شجاعة؟

إن المغرب بلد الإمكانيات الكبرى والطموحات الملكية العالية، لكنه لا يمكن أن يتقدّم بعقلية سياسية مترددة. ما يحتاجه اليوم هو حكومة فاعلة لا مبرِّرة، وإرادة جريئة لا خائفة. لقد سئم المواطن من الأعذار الجاهزة، ومن الوجوه التي تُدير الأزمات بمنطق البقاء في الكراسي لا بمنطق خدمة الوطن.

الاستقالة هنا ليست هروباً من المسؤولية، بل شرف وطني ورسالة احترام للشعب. هي إعلان بأن من لم ينجح في الإصلاح لن يصرّ على الفشل. فالديمقراطية تُقاس بقدرة المسؤول على الاعتراف بالتقصير قبل أن تفرض عليه الشوارع قول الحقيقة.

لهذا، يبدو أن إعادة تشكيل الحكومة أو الدعوة إلى انتخابات مبكرة أصبحت ضرورة وطنية لا تحتمل التأجيل. فالمغرب اليوم يحتاج إلى حكومة جديدة، برؤية جديدة، وبكفاءات حقيقية تواكب التحولات الكبرى التي يعرفها البلد على الصعيدين الإقليمي والدولي.

المغاربة لا يطلبون المستحيل… فقط يريدون أن يُحكموا من طرف من يشعر بهم، لا من يبرر لهم.
فهل تتحلى الحكومة بالشجاعة السياسية وتفتح الباب للتغيير؟
أم أن التاريخ سيضطر لكتابة فصل جديد من فصول الفشل السياسي في المغرب؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *