المغرب: توتر بمحكمة طنجة بعد إغماء أحد المتهمين في ملف “جيل زد” وتشكيك واسع في محاضر الشرطة القضائية
الوطن24/ خاص
شهدت محكمة الاستئناف بمدينة طنجة، يوم الثلاثاء 28 أكتوبر 2025، توتراً غير مسبوق بعد إصابة أحد المتهمين في ملف ما يُعرف إعلامياً بـ“جيل زد” بحالة إغماء مفاجئة داخل قاعة الجلسات، ما اضطر رئيس المحكمة إلى رفعها مؤقتاً وسط ارتباك واضح بين الحاضرين.
القضية التي يُتابع فيها 17 شاباً من مدن العرائش، طنجة، والقصر الكبير، تعود إلى الاحتجاجات الشبابية التي شهدتها العرائش قبل أشهر، حين تحولت تجمعات سلمية إلى مواجهات محدودة بين محتجين والقوات العمومية.
وخلال الجلسة، أنكر جميع المتهمين التهم الموجهة إليهم، مؤكدين أن توقيفهم تم بعيداً عن مواقع الأحداث، في تناقض تام مع ما ورد في محاضر الضابطة القضائية التي نسبت إليهم أفعالاً تتعلق برشق القوات العمومية وتخريب الممتلكات ومحاولة اقتحام مقر رسمي.
دفاع المتهمين شكك في مصداقية تلك المحاضر، معتبراً أنها “تفتقر إلى الدقة وتعتمد على روايات جاهزة”، مطالباً بتمكين المتهمين من محاكمة عادلة قائمة على أدلة مادية واضحة، وفتح تحقيق مستقل حول ظروف توقيفهم والاستماع إليهم.
وتحظى القضية بمتابعة دقيقة من الإعلام والحقوقيين في المغرب، حيث تُعتبر اختباراً لطبيعة تعاطي القضاء مع موجة جديدة من الاحتجاجات الشبابية التي بدأت تظهر في عدد من المدن المغربية، تعبيراً عن تململ اجتماعي متصاعد ومطالب بالعدالة الاجتماعية والفرص الاقتصادية.
جيل الغضب المغربي بين مطالب الإصلاح وضبط الشارع
يرى مراقبون أن ملف “جيل زد” لا يقتصر على كونه قضية قضائية عابرة، بل يعكس تحولاً اجتماعياً عميقاً داخل المغرب، حيث يبرز جيل جديد من الشباب، متصل بالعالم الرقمي، أكثر جرأة في التعبير عن آرائه وأقل ثقة في المؤسسات التقليدية.
في المقابل، تحاول الدولة المغربية التعامل مع هذه التحولات ضمن مقاربة مزدوجة تجمع بين الحوار والإصلاح الاجتماعي من جهة، والتشدد الأمني من جهة أخرى، في مسعى لتحقيق التوازن بين الاستقرار وحماية حرية التعبير.
وبين إيقاعات المحاكم ونداءات الشارع، يظل ملف “جيل زد” مؤشراً على تغير المزاج العام داخل المجتمع المغربي، وجرس إنذار حول ضرورة إعادة بناء الثقة بين الشباب ومؤسسات الدولة، في مرحلة دقيقة من التحول الاجتماعي والسياسي.
موقف المنظمات الحقوقية
من جهتها، أعربت عدد من المنظمات الحقوقية المغربية عن قلقها إزاء طريقة التعامل مع هذا الملف، داعية إلى ضمان شروط المحاكمة العادلة واحترام المساطر القانونية خلال مرحلة البحث التمهيدي.
وشددت الجمعيات على أن “ملف جيل زد يعكس حاجة ملحّة إلى مراجعة العلاقة بين الشباب والمؤسسات”، مطالبة بفتح حوار وطني صريح حول حقوق الشباب في التعبير السلمي والاحتجاج المشروع، بعيداً عن المقاربة الأمنية التي أثبتت محدوديتها في معالجة القضايا الاجتماعية.
