المغرب: فضيحة دعم القمح تتجاوز السياسة وتتحول إلى قضية قانونية تهز البرلمان والرأي العام.
 
						الوطن24/الرباط
تحولت تصريحات النائب البرلماني محمد التويزي، رئيس الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة، إلى زلزال سياسي وقانوني تحت قبة البرلمان المغربي، بعدما كشف خلال اجتماع لجنة المالية عن وجود شركات “تطحن الأوراق فقط” لتقديمها كوثائق تثبت تسويق القمح المدعم، في حين أن الواقع – حسب قوله – مختلف تماماً، ما يعني أن مليارات السنتيمات من أموال الدعم العمومي قد تكون ذهبت في غير محلها.
فحسب ما ورد في مداخلة التويزي، فإن دعم القمح في المغرب، الذي يكلف الدولة حوالي 1680 مليار سنتيم سنوياً، لا يخضع للمراقبة الكافية، وهو ما اعتبره مراقبون مؤشراً على وجود خلل بنيوي خطير في تدبير هذا الملف الحيوي الذي يمس الأمن الغذائي للمغاربة ويمثل أحد أكبر بنود الدعم الحكومي.
لكن ما صرّح به البرلماني لا يمكن اعتباره مجرد تصريح سياسي عابر، بل يحمل أبعاداً قانونية وجنائية تستوجب التوقف عندها. فهناك احتمالان لا ثالث لهما:
إما أن ما قاله التويزي غير صحيح، ويدخل في نطاق المزايدة السياسية، وهو ما يفرض التذكير بأن الحصانة البرلمانية لا تعني الإفلات من المسؤولية عند إطلاق اتهامات خطيرة تمس مؤسسات الدولة وصورتها، وتزرع الشك في الثقة العامة.
أما إذا كان ما صرّح به صحيحاً، فإن الأمر يكتسي خطورة مضاعفة، ويستدعي تدخل النيابة العامة بشكل عاجل، ليس فقط للتحقيق في مدى صحة تلك المعطيات، بل أيضاً لمساءلة البرلماني نفسه عن عدم تبليغه بجريمة يُفترض أنه على علم بوقوعها، وفق ما ينص عليه القانون المغربي.
وتشير مصادر برلمانية إلى أن هذه التصريحات قد تفتح الباب أمام تحقيق شامل من طرف المجلس الأعلى للحسابات ووزارة الداخلية والنيابة العامة، قصد تحديد المسؤوليات وضمان حماية المال العام من أي تلاعب أو استغلال.
وفي ظل صمت الحكومة المغربية وغياب أي توضيح رسمي من وزارة الفلاحة إلى حدود الساعة، يتصاعد الجدل في الشارع حول حقيقة ما يجري في كواليس دعم القمح، وسط مطالب قوية بالكشف عن الحقيقة كاملة ومحاسبة كل من ثبت تورطه في هذا الملف الحساس.
القضية، بكل أبعادها السياسية والقانونية، لم تعد مجرد نقاش داخل البرلمان، بل تحولت إلى اختبار حقيقي لمدى جدية المغرب في ربط المسؤولية بالمحاسبة، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بملف يهم قوت المواطنين وثقة المجتمع في مؤسسات الدولة.
 
				