المغرب يهتز بتعليمات داخلية عاجلة تكشف صراع السلطة بين رجال الداخلية ورؤساء الجماعات

الوطن24/ الرباط
كشفت مصادر رفيعة لـــ«الوطن24» أن المصالح المركزية لوزارة الداخلية في المغرب وجهت أوامر عاجلة إلى عمال العمالات والأقاليم من أجل رفع تقارير دقيقة حول علاقات رجال السلطة برؤساء الجماعات والبرلمانيين، إضافة إلى رصد الأسماء المرشحة لدخول غمار الانتخابات التشريعية المقبلة. هذه الخطوة المفاجئة اعتبرها مراقبون جرس إنذار قوي يكشف عن توتر خفي وصراع صامت بين مراكز القرار المحلي والسلطة المركزية.
مصادرنا بالعاصمة الرباط أوضحت أن هذه التعليمات الاستثنائية جاءت في سياق متصاعد من الشكاوى حول تجاوزات خطيرة، حيث تشير معطيات مثيرة من منطقة الغرب وإقليم القنيطرة إلى أن بعض رؤساء الجماعات باتوا يتحكمون في رجال السلطة بشكل غير مسبوق، بل ويملون عليهم ما يمكن تنفيذه على أرض الواقع. الأخطر من ذلك أن عدداً من رجال السلطة يجدون أنفسهم متورطين في علاقات وسهرات خاصة مع منتخبين نافذين، وهو ما يضع مبدأ حياد الإدارة الترابية على المحك.
في هذا السياق، لا بد من لفت الانتباه إلى أن نوعاً رديئاً ومتسخاً من المنتخبين، خاصة بعض رؤساء الجماعات الترابية، انتهزوا فرص غياب النزاهة وغفلة القانون وتواطؤ بعض رجال السلطة ليسيطروا على مفاصل الحياة الجماعية بما في ذلك أجهزة الداخلية نفسها، وطوعوا ممارساتها لخدمة مصالحهم الخاصة. هؤلاء تحكموا في الخرائط الانتخابية برمتها وصنعوا الأغلبيات على مقاسهم، وراكموا الثروات بالتلاعب بمقدرات الجماعات، محولين الجماعات المحلية، حضرية كانت أو قروية، إلى مقاولات عائلية يستثمرون فيها ويرتقون سلم الغنى والثراء على حساب ساكنة هذه المناطق دون حسيب أو رقيب. ولعل منطقة الغرب خير شاهد على هذا الانزلاق الخطير الذي مس جوهر الممارسة الديمقراطية، وقتل عن سبق إصرار وترصد الأسس الديمقراطية ومصداقية العملية الانتخابية. واليوم، تتجهز نفس الوجوه المشبوهة لتكرار الكرة بفتح قنوات جديدة بأساليب شيطانية مع من ضعفت إرادتهم واهتزت ضمائرهم من بعض رجال السلطة على اختلاف رتبهم، لاستغلالهم في الاستحواذ على عمليات الانتخاب وتوجيهها. غير أن الساكنة تدق ناقوس الخطر، مؤكدة أن هذه المرة القضية مختلفة وأصبحت قضية وطنية بامتياز، وأن كل من يتورط في خرق القانون أو مخالفة توجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، الذي شدد على جعل الانتخابات محطة لتكريس الخيار الديمقراطي كثابت من ثوابت المملكة المغربية، سيجد مواجهة حازمة من المواطنين بكل الوسائل التي يكفلها القانون.
هذه التطورات تضع وزارة الداخلية المغربية، بقيادة الوزير عبد الواحد الفتيت، أمام امتحان تاريخي. فإما أن تتحول هذه التعليمات إلى إجراءات حقيقية وسريعة تُعيد هيبة الدولة وتضع حداً لتغوّل المنتخبين المحليين، أو أن تبقى مجرد كلام بلا أفعال سرعان ما يتلاشى أمام نفوذ المال والولاءات الانتخابية.
الأسئلة الحارقة التي يتداولها الشارع المغربي اليوم تتلخص في جملة واحدة: هل ستنجح وزارة الداخلية في قلب المعادلة واستعادة هيبة السلطة في المغرب، أم أن رؤساء الجماعات النافذين سيواصلون لعبة التحكم والابتزاز بلا رادع؟