حيّ السلام… حين تُصبح المهرجانات سياسة، ويصير الأمن هامشاً منسياً

الوطن24/جليل الحسني
من جردة الباسكيط إلى أزقة الخوف… حيّ السلام يتحوّل إلى مرآة لمدينة تُدار بالضجيج وتُترك بلا سكينة
لا شيء يثقل كاهل مدينة أكثر من أن يُسلب منها حقها في النوم.
في حيّ السلام، على مقربة من “جردة الباسكيط”، صار الليل مرادفاً لصخب لا ينتهي: أصوات متعالية، سباب متبادل، منازعات كلامية، ووقع كرات يرتد بين جدران المنازل كما لو كان عزفاً إجبارياً على مسامع السكان.
ما كان يُفترض أن يكون فضاءً رياضياً بسيطاً، تحوّل إلى مصدر إزعاج يومي يطرد السكينة من بيوت اعتادت أن تفتح نوافذها للهدوء.
كشفت مصادر من الحي أن الظاهرة لم تقف عند حدود الضجيج الليلي، بل تسربت إلى مظاهر أكثر خطورة، أبرزها تنامي السرقات بين حيّ السلام وحيّ السلام الإضافي.
أسر كثيرة تعيش اليوم على إيقاع خوف مزدوج: خوف من جلبة لا تتوقف مع حلول الليل، وخوف من يدٍ خفية تمتد إلى سياراتهم أو ممتلكاتهم في غياب يقظة أمنية حقيقية.
المفارقة الصارخة أن هذا المشهد يتعايش مع غياب شبه تام للدوريات الأمنية.
وكأن المدينة مقسومة بين وجه رسمي يُعرض في المهرجانات وملاعب الكرة، ووجه آخر متروك للفوضى والصداع اليومي.
في النهار تُسوَّق الصور اللامعة لمدينة حديثة تنبض بالحياة، وفي الليل يكتشف السكان واقعاً أكثر قسوة: أقفال مشدودة على الأبواب، وقلق يتسلل إلى كل تفاصيل العيش.
السؤال الذي يتداوله الناس لم يعد عادياً: هل الأمن مجرد ملاحقة الجريمة بعد وقوعها، أم هو قبل ذلك فنّ الحفاظ على الطمأنينة ومنع أسبابها؟
وحين يغيب هذا الحق الأولي، تفقد المهرجانات معناها، وتذوب قيمة الملاعب في الصخب.
لأن المواطن لم يعد يملك أبسط شروط الحياة: أن ينام بسلام، وأن يسير آمناً في زقاقه.