صمت وزير التعليم المغربي… تكتيك حكومي أم خوف من انفجار القنبلة الإصلاحية؟

الوطن 24 / خاص
في الوقت الذي يغرق فيه عدد من وزراء الحكومة المغربية في خرجات إعلامية متكررة، أحياناً دون جدوى سوى تغذية الجدل ورفع منسوب الاحتقان الشعبي، يختار وزير التعليم أن يلوذ بصمت مطبق، وكأنه يراقب المشهد من بعيد.
صمت أثار أسئلة محرجة، ليس فقط حول الوزير نفسه، بل حول منهجية الحكومة في تدبير ملف التعليم، الذي يُعدّ أحد أعمدة الإصلاح الحقيقي في المغرب.
فكيف يعقل أن يتحدث الجميع عن “الإصلاح الشامل”، بينما الوزير المسؤول عن تربية أجيال المستقبل لا يطلّ على الرأي العام ولو ببيان توضيحي واحد؟
هل هو تكتيك حكومي متفق عليه، أم أن الرجل ممنوع من الكلام لأن ما يخفيه أكبر من مجرد تصريح صحفي؟
مصادر متابعة للشأن السياسي تؤكد أن هذا الصمت لم يعد بريئاً. فالحكومة، التي وجدت نفسها في مواجهة انتقادات لاذعة بسبب ضعف التواصل، ربما قررت أن تحصّن ملف التعليم من أي زلة لسان، خاصة بعد أن تحولت بعض تصريحات الوزراء إلى شرارات اشتعلت ضدها وسائل التواصل الاجتماعي.
لكن هذا “التحصين” نفسه يطرح سؤالاً أكبر: هل يحق لحكومة تدّعي الإصلاح أن تحجب الصوت عن أهم قطاع في البلاد؟
بعض المراقبين يذهبون أبعد من ذلك، معتبرين أن وزير التعليم يشتغل في الخفاء على مشروع ضخم، يوصف داخل الأوساط المقربة من الحكومة بأنه “القنبلة السياسية الإصلاحية”، التي قد تُحدث زلزالاً في بنية النظام التعليمي، وربما تُعيد توزيع الأدوار داخل الوزارة نفسها.
غير أن الغموض المحيط بالملف لا يخدم الحكومة بقدر ما يضعها في مأزق الشفافية والمساءلة. فالمغاربة اليوم لا يريدون مفاجآت، بل وضوحاً في الرؤية ومصارحة في القرارات.
وإن كان الوزير يفتقر إلى الكفاءة التواصلية، فذلك يدين الحكومة أكثر مما يعذره، لأنها اختارته لتدبير واحد من أعقد القطاعات، الذي لا يحتمل الغموض ولا الصمت، بل يحتاج إلى من يقنع، يشرح، ويدافع عن قراراته أمام الرأي العام.
المشكلة الأكبر لدى هذه الحكومة هي الإتيان بوزراء لا علاقة لهم بالقطاعات التي يدبرون شؤونها، سوى ارتباطهم المصلحي برئيس الحكومة، كمن يوزع المهام على شركائه في مجلسه الإداري. ومن غير المرتقب، في ظل هذا المنطق، انتظار مبادرات تتغيّى إصلاحاً في الرؤية والمنهج والأهداف، لأن فاقد الشيء لا يعطيه.
ففي دولة تراهن على التعليم كمدخل للنهوض الاجتماعي والاقتصادي، يصبح الصمت السياسي خيانة ناعمة لثقة المواطن.
ولعل أخطر ما في هذا الصمت أنه يمنح الانطباع بأن الحكومة نفسها تخشى الحديث عن التعليم، وكأن في جعبتها ما لا تجرؤ على الإفصاح عنه بعد.
المغاربة اليوم يريدون جواباً بسيطاً: هل نحن أمام إصلاح حقيقي يُحضّر في الخفاء، أم أمام صمت حكومي يُخفي عجزاً عن مواجهة الواقع؟
إلى أن يخرج وزير التعليم عن صمته، سيبقى الغموض سيد الموقف… وسيبقى التعليم عنواناً لأزمة حكومة تخشى الكلام أكثر مما تخشى الفشل.