المغرب : فاطمة حنيني… سيدة الزعفران التي كسرت حدود تاليوين ورفعت راية المغرب في أبوظبي

في أروقة معرض أبوظبي الدولي للمنتجات الغذائية، الذي احتضنته العاصمة الإماراتية ما بين 21 و23 أكتوبر الجاري، خطفت الأنظار سيدة مغربية استثنائية جمعت بين الأصالة والابتكار، إنها فاطمة حنيني، رئيسة تعاونية “أرض الكنوز” لإنتاج الزعفران البيولوجي المغربي.

تميّزت تجربة السيدة فاطمة بجرأتها على خوض مغامرة فريدة من نوعها في مجال الزراعة، حيث نجحت في زراعة نبتة الزعفران خارج موطنها التقليدي في منطقة تاليوين، الواقعة بجهة سوس ماسة جنوب المغرب، والتي تُعد العاصمة التاريخية لهذا الذهب الأحمر. فقد استطاعت نقل التجربة إلى منطقة قروية بضواحي مكناس، سيدي سليمان مول الكيفان، حيث وجدت في تربتها الخصبة بيئة ملائمة لزراعة زعفران نقي عالي الجودة.

وبفضل خبرتها وعزيمتها القوية، تمكنت فاطمة من تهيئة الأرض وتكييفها مع خصوصيات الزعفران، لتحصل على ترخيص رسمي من المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، اعترافًا بجودة منتوجها الذي شكل ثورة في مجال الزراعة المستدامة. هذا النجاح لفت أنظار الزوار والمستثمرين الدوليين في المعرض، خاصة الوفد الألماني، إذ استثمرت فاطمة إتقانها للغة الألمانية – كونها أستاذة جامعية في تدريسها بالمغرب – في بناء جسور تعاون مع مختبرات ألمانية كبرى، توجت بتوقيع شراكات علمية لتطوير منتوج الزعفران وتحويله إلى علامة تجارية عالمية تحمل شعار “صُنع في المغرب”.

ولم تقف مساهمة فاطمة عند حدود الزراعة، بل تجاوزتها إلى الترويج الثقافي للمطبخ المغربي الأصيل، من خلال مشاركتها المتميزة إلى جانب الشاف المغربي العالمي رشيد مفتوح، الذي يُعد من أبرز الوجوه في فن الطبخ المغربي والعالمي وعضو لجنة تحكيم برنامج “ماستر شاف المغرب”. وقد قدّما معًا عرضًا راقياً في فن الطهي المغربي، حيث أبدعا في إعداد طبق أمازيغي أصيل هو “البركوكش” الممزوج بنكهة الزعفران البيولوجي ولمسة الإبداع المغربي الأصيل، ما نال إعجاب النقاد والزوار على حد سواء، وترك صدى طيبًا يعكس غنى المطبخ المغربي وعمق تراثه الثقافي.

بهذا الإنجاز، جسدت فاطمة حنيني نموذج المرأة المغربية الطموحة التي جمعت بين الأصالة والحداثة، واستطاعت أن تحول فكرتها من حلم شخصي إلى مشروع اقتصادي واجتماعي ناجح، وفرت من خلاله مصدر رزق مستدام لعشرات النساء القرويات، فاتحة أمامهن آفاقًا جديدة للأمل والعمل الشريف.

إنها قصة امرأة آمنت بقدراتها، وراهنت على أرضها وهويتها، فحصدت احترام العالم ورفعت راية المغرب عالياً في سماء أبوظبي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *