اضاءات حـــول: مضامين القانون الإطار 17/51

الوطن 24/ بقلم: ذ. امحمد الشويا

جاء القانون الاطار رقم 17 /51 الصادر بالجريدة الرسمية عدد 6805 بتاريخ 19  غشت 2019، محددا لمجموعة من المبادئ والأهداف الأساسية لسياسة الدولة، واختياراتها الإستراتيجية لإصلاح منظومة التربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي، فهو عبارة عن تحويل للاختيارات الكبرى للرؤية الإستراتيجية للإصلاح 2015/2030 إلى تعاقد وطني يلزم الجميع، ويلتزم الجميع بمقتضياته،جوهره إرساء مدرسة جديدة مفتوحة أمام الجميع هدفها تأهيل الرأسمال البشري على أساس المساواة وتكافئ الفرص و الجودة، بغية الارتقاء بالفرد والمجتمع وتعميم تعليم وطني دامج وتضامني لفائدة جميع الأطفال دون تمييز، وجعل تعليم  الأطفال الذين هم في سن التمدرس إلزاميا بالنسبة إلى الدولة والأسر، وتمكين أطفال المناطق القروية وشبه الحضرية من تمييز إيجابي،فضلا عن المناطق التي تشكو العجزَ أو الخصاص، وتأمين الحق في الولوج إلى التربية والتعليم والتكوين لفائدة الأطفال في وضعية خاصة، ومحاربة الهدر المدرسي والقضاء على الأمية وتجديد مهن التدريس والتكوين والتدبير، وإعادة تنظيم وهيكلة منظومة التربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي، وإقامة الجسور بين مكوناتها، ومراجعة المقاربات والبرامج والمناهج البيداغوجية، وإصلاح التعليم العالي، وتشجيع البحث العلمي والتقني والابتكار، واعتماد التعددية والتناوب اللغوي، واعتماد نموذج بيداغوجي موجه نحو ذكاء يطور الحس النقدي وينمي الانفتاح والابتكار ويربي على المواطنة والقيم الكونية.

فالديباجة اطرت القانون الإطار بالأسس والمرجعيات المعتمدة في صياغته والتعليلات المسوغة لإصداره، كما أصلت المادة الأولى للمبادئ التي ترتكز عليها سياسة الدولة في المجال، انطلاقا من دستور المملكة. في حين تناولت المادة 2  مدلول المصطلحات الواردة في القانون الإطار، الهادف إلى تمكين المتعلم من هندسة لغوية منسجمة في مختلف المستويات ، بهدف تنمية قدراته على التواصل، وانفتاحه على مختلف الثقافات،وتحقيق النجاح  الدراسي المطلوب، وتزويد المجتمع بالكفاءات والنخب المؤهلة ،من خلال وتحفيزهم على قيم النبوغ والتميز والابتكار، وتمكينهم من الانخراط في مجتمع المعرفة والتواصل، ومحاربة الهدر والانقطاع الدراسيين بكل الوسائل المتاحة، وإعادة إدماج المتعلمين المنقطعين عن الدراسة في مكونات المنظومة،و إعدادهم للاندماج المهني، وتوسيع نطاق تطبيق أنظمة التغطية الاجتماعية لفائدة المتعلمين من ذوي الاحتياجات، قصد تمكينهم من الاستفادة من خدمات اجتماعية تساعدهم و تحفزهم على متابعة دراستهم في ظروف مناسبة وملائمة .)المواد من 3-6(.

وحسب القانون الإطار، تتكون منظومة التربية والتكوين من قطاعين هما:

قطاع التربية والتعليم والتكوين النظامي؛ يتكون من: التعليم الأصيل، والتكوين المهني، والتعليم العتيق، والتعليم العالي.

قطاع التربية والتعليم والتكوين غير النظامي؛ يضم: برامج التربية غير النظامية، ومحاربة الأمية، والبرامج المخصصة لتربية وتعليم أبناء الجالية المغربية المقيمة بالخارج.

والجديد هو أن هذا القانون الإطار نص على:

إرساء التعليم الأولي وفتحه لجميع الأطفال ما بين أريع وست سنوات، والشروع في دمجه تدريجيا في التعليم الابتدائي في أجل ثلاث سنوات.

ربط التعليم الابتدائي بالتعليم الإعدادي في إطار سلك التعليم الإلزامي وإرساء الجسور بين التعليم المدرسي والتكوين المهني ودمجهما في تنظيم بيداغوجي منسجم. المواد (7-18)

أما المادة 19 من القانون سالف الذكر، فقد نصت على أن الولوج إلى التعليم المدرسي من قبل جميع الأطفال، الذين بلغوا سن التمدرس، ذكورا وإناثا، يعتبر إلزاميا، حيث يبدأ سن إلزامية التمدرس من أربع سنوات إلى تمام السنة 16.

في حين دعت المادة 20 إلى اتخاذ مجموعة من التدابير لتعميم التعليم الإلزامي، أهمها العمل على وضع نظام خاص لتحفيز وتشجيع الأطر التربوية والإدارية لأداء مهامها، وخلق فضاءات ملائمة للتمدرس وكذا برامج متكاملة ومندمجة للتمدرس الاستدراكي.

أماالمادة.21 فقد نصت على التدابير اللازم اتخاذها من طرف الدولة لتمكين المتعلمين من الاستفادة من الخدمات الاجتماعية وفق مبادئ الاستحقاق والشفافية وتكافؤ الفرص.

كما حث القانون، على ضرورة اعتماد الدولة على إمكانياتها الذاتية أو في إطار شراكات، لسد الخصاص الحاصل في عدد من مؤسسات التربية والتعليم والتكوين، وتزويدها بالأطر التربوية والإدارية الكافية والبنيات والتجهيزات اللازمة والملائمة، ووضع برامج للتحسيس والتحفيز والمواكبة النفسية والاجتماعية

  للمتعلمين من أجل الحيلولة دون انقطاعهم عن الدراسة وضمان متابعة مسارهم الدراسي (م.22). وحث القانون أيضا، السلطات الحكومية المكلفة بالتربية والتعليم والتكوين على وضع ميثاق يسمى

“ميثاق المتعلم” يحدد حقوق المتعلم وواجباته، يمكن عرضه على المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي قصد ابداء الراي، يوضع رهن إشارة كل متعلم وفاعل في المنظومة، بهدف التقيد بمقتضياته (م.26)

وتدعو المادة 28 من القانون الإطار إلى ضرورة إحداث لجنة دائمة للتجديد والملاءمة للمناهج والبرامج والتكوينات، تتولى إعداد المنهاج ودلائل مرجعية للبرامج والتكوينات.

أما المادة 31 فقد نصت على ضرورة اعتماد اللغة العربية لغة أساسية للتدريس، وتطوير وضع اللغة الأمازيغية في المدرسة ضمن إطار عمل وطني واضح ومتناغم مع أحكام الدستور، باعتبارها لغة رسمية للدولة، ورصيدا مشتركا لجميع المغاربة دون استثناء، إلى جانب إرساء تعددية لغوية بكيفية تدريجية

ومتوازنة.

كما يجب على السلطات الحكومية المعنية القيام بمراجعة عميقة للمناهج والبرامج وتهيئة الامازيغية لسنيا وادراج التكوين باللغة الإنجليزية في تخصصات وشعب التكوين المهني، إلى جانب اللغات المعتمدة في التكوين (م.32) والاعتماد المبكر على التوجيه التربوي للمتعلمين من اجل إحراز التقدم المدرسي والمهني والجامعي الملائم لميولهم وقدراتهم) م.34(.

كما ينص القانون المتعلق بمنظومة التربية والتكوين على أن الدولة تضمن مجانية التعليم الإلزامي، ولا يحرم أحد من متابعة الدراسة بعد التعليم الإلزامي لأسباب مادية محضة، إذا ما استوفى الكفايات والمكتسبات اللازمة. (م.45)

ونص أيضا، على إحداث صندوق لتنويع مصادر تمويل المنظومة طبقا لأحكام القانون التنظيمي رقم 130.13 لقانون المالية، يتم تمويله في إطار شراكة من طرف الدولة والمؤسسات والمقاولات العمومية ومساهمات القطاع الخاص وباقي الشركاء (م.47). إلى جانب إحداث نظام للحسابات الوطنية في مجال التربية والتعليم والتكوين يتضمن كشفا حسابيا يوضح بدقة طبيعة التكاليف والموارد، وكيفية استعمالها ومبرراتها، وارتباطها بالأهداف المحددة لكل تكليف (م.52).

كما نص في مادته 53 علىى إخضاع منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي إلى نظام للتتبع والتقييم والمراجعة المنتظمة من أجل التأكد من مدى تحقق الأهداف المشار إليها في المادة الثالثة والعمل على مواكبة إصلاحها، وتحقيق النتائج المتوخاة منها.

أما المادة56 فقد نصت على إحداث لجان وزارية لدى السلطات الحكومية، يعهد إليها تتبع نتائج عمليات

التقييمات المنجزة، واقتراح التدابير اللازم اتخادها لتصحيح الاختلالات وتطوير الاداء.

كما أشار القانون إلى إحداث لجن وطنية لدى رئيس الحكومة لتتبع ومواكبة إصلاح المنظومة (م 57).

 واعتبر أن الآجال المنصوص عليها، كاملة، تحتسب من تاريخ دخول النصوص التشريعية والتنظيمية اللازمة حيز التنفيذ.) م 58).

 أما أحكام القانون الإطار فتدخل حيز التنفيذ ابتداء من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية مع اعتبار النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل سارية المفعول إلى حين نسخها أو تعويضها أو تعديلها، كما يتعين على الحكومة وضع برمجة زمنية لإعداد النصوص اللازمة لتطبيقه وعرضها على المصادقة (م.59)