الباحث طه العربي في قراءة تحليلية لآخر إحاطة المبعوث الأممي بشأن الصحراء المغربية

الوطن24/ عبدالفتاح المنطري*
في قراءة تحليلية لآخرإحاطة المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا أمام مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء، يقول الشاب طه العربي الباحث بسلك الدكتوراه بجامعة محمد الخامس بالرباط أنه في سياق تتبع مجلس الأمن الدولي لمسار حل قضية الصحراء، قدم مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة المكلف بقضية الصحراء ستيفان دي ميستورا، مؤخرا، إحاطته النصف سنوية أمام أعضاء مجلس الأمن. هذه الإحاطة التي تندرج في إطار تعاطي المنتظم الدولي في إيجاد حل نهائي دائم ومستدام لهذا النزاع الإقليمي، بالإضافة إلى كونها بمثابة ديباجة للتقرير السنوي المتعلق بملف الصحراء
وتنصب هذه القراءة حول معالجة أهم المرتكزات التي جاءت بها إحاطة ستيفان دي ميستورا علاوة على محاولة التفكير في التصور المستقبلي الذي يتعين على المغرب نهجه في إطار تدبيره لقضية الصحراء
المحور الأول: أهم مرتكزات إحاطة ستيفان دي ميستورا أمام مجلس الأمن
شكلت مقاربة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة المكلف بقضية القضية الصحراء نقطة تحول بارزة خلال إحاطته السنوية أمام مجلس الأمن، فالمبعوث الأممي الذي دعا قبل سنة إلى محاولة التفكير في تقسيم الصحراء بين المغرب والبوليساريو، أضحى اليوم أكثر واقعية بحقيقة الملف وبأن حل هذا النزاع أساسه الوحيد هو مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب سنة 2007
هذا التحول المفصلي في نسق تدبير دي ميستورا لهذا النزاع هو إنخراط مجموعة من الدول الأعضاء في مجلس الأمن، والتي تمتلك حق الفيتو كفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، في دعم مقترح الحكم الذاتي ناهيك على اعتبارهم على حاضر ومستقبل الصحراء لا يمكن أن يكون إلا جزءا من التراب المغربي
كما أن اللقاء الذي جمع ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية المغربي مع ماركو روبيو المكلف بحقيبة السياسة الخارجية الأمريكية الأسبوع الماضي قد مهد لتغيير دي ميستورا مقاربته السياسية والتدبيرية لهذا الملف وكذا في المصطلحات التي يتضمنها خطابه
السياسي، إذ تضمنت إحاطته مفاهيم من قبيل: مناقشة مضمون مقترح المغربي للحكم الذاتي – الزخم الدبلوماسي – السيادة المغربية – إطلاق خريطة جديدة نحو حل نهائي لنزاع الصحراء
إحاطة دي ميستورا تضمنت أيضا كلمة أليكسندر إيفانكو رئيس بعثة المينورسو والتي أشار فيها إلى أن الجانب المغربي المتمثل في القوات المسلحة الملكية التي تحاول ما أمكن ضبط النفس وحسن تدبير منطقة الصحراء في إطار سلمي بعيدا عن المقاربة العسكرية مع إشارته إلى أن البوليساريو لازالت ترفض دعوات المينورسو بوقف الأعمال العدائية بالمنطقة
المحور الثاني: التصور المستقبلي لتدبير المغرب لملف لقضية الصحراء
إن أهم ما ينبغي على المغرب استغلاله في الظرف الحالي هو استثمار ما جاءت به كلمة دي ميستورا بضرورة استغلال المملكة لثلاثة أشهر المقبلة للتعريف بالحيثيات الدقيقة والمبادئ الجوهرية التي يقوم عليها مقترح الحكم الذاتي وشرح المملكة المغربية للمنتظم الدولي بأن غاية الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية تكمن في بناء مجتمع ديمقراطي حداثي، يقوم على احترام القانون والحريات الفردية والجماعية والتنمية الإقتصادية، وبالتالي فترويج المغرب لهذا المعطى في الوقت الحالي يشكل مفتاح مصادقة مجلس الأمن على الطرح المغربي وبالتالي دحض أطروحة البوليساريو
ومن هذا المنطلق، فالأليات التي تمتلكها المملكة كالدبلوماسية الرسمية والبرلمانية والمجتمع المدني ناهيك عن وسائل الإعلام وهي من القنوات الرئيسية التي تساعد على التعريف بمكونات الحكم الذاتي ومصداقيته
وفي هذا الإطار, أقترح المقاربة التالية لأهم المرتكزات التي يتعين على المغرب اتباعها خلال تعبئته السياسية بغية توضيح مبادرته والتي تنقسم إلى ثلاث دعائم أساسية
الدعامة الأولى: التذكير بالمرجعية الدولية لمقترح الحكم الذاتي وانفتاح منطقة الصحراء على الشراكات الدولية
إن مقترح الحكم الذاتي يتجاوب مع تقارير مجلس الأمن الدولي التي تنادي دائما بحل سياسي دائم ومتوافق عليه، بالإضافة إلى دعم مجموعة من الدول الأعضاء بالمجلس لهذا الطرح، كما أن مقترح الحكم الذاتي يسمح للأقاليم الجنوبية بإبرام شراكات ذات طابع دولي في إطار السيادة المغربية، الشيء الذي سيعزز من تقوية جاذبية مناطق الصحراء اقتصاديا وتنمويا
الدعامة الثانية : صيانة وحماية الهوية الثقافية لمنطقة الصحراء
يتضمن مقترح الحكم الذاتي البعد المرتبط بالثقافة الصحراوية باعتبارها جزءا من الهوية المغربية ، وعليه فالمغرب يتعهد بحماية الموروث الثقافي الحساني و تثمينه و النهوض به ، مما سيسمح لساكنة الصحراء بالتعبير عن هويتهم المحلية من منطلق رسمي عبر الآليات التي سيسمح المخطط مستقبلا بإنشائها
الدعامة الثالثة: مراعاة الخصوصية المحلية لمنطقة الصحراء في تنزيل الجهوية المتقدمة
يعتبر تنزيل ورش الجهوية المتقدمة في الأقاليم الصحراوية خيارا استراتيجيا للدولة عبر تمكين ساكنة الصحراء من تدبير شؤونها الذاتية داخل إطار السيادة المغربية .إن هذا المعطى يعكس التزام المغرب بخيار ديمقراطي يراعي خصائص المنطقة التي يغلب عليها الطابع
القبلي أو العائلي، وهو ما يكرس مكانة الجهة كقناة في صنع القرار، وبذلك، فالمقاربة الجهوية في التدبير هي عصب و حجر أساس الحكم الذاتي في الصحراء.
*كاتب صحفي