القوانين المؤطرة للسياسة البيئية بالمغرب

أصبحت حماية البيئة من المواضيع التي تشغل حيز كبير من الاهتمام، سواء على الصعيد الوطني أو الدولي، وذلك بفعل التدهور الكبير الذي تتعرض له البيئة في مختلف مكوناتها، الشيء الذي أدى الى مشكلات بيئية متعددة، كل هذا لزم على الدولة المغربية اعتماد قوانين وبرامج استراتيجية،تأخذ البعد البيئي ضمن أولوياتها لتحقيق التنمية المستدامة، مما يؤكد وعي الدولة بضرورة حماية حق الساكنة في العيش وسط بيئة متوازنة وسليمة. يأتي في مقدمة القوانين، القانون الإطار 99-12 الذي يعتبر بمثابة ميثاق وطني لحماية البيئة والتنمية المستدامة، الموقع بظهير شريف رقم 09-14-1 صادر في 4 جمادى الاول 1435 الموافق ل 6 مارس 2014، يتكون هذا الميثاق من ستة أبواب و35 مادة. وقد عرف المغرب تطور ملموس في العشرية الأخيرة على مستوى التشريع في مجال حماية البيئة وذلك نظرا لعدد من القوانين التي صدرت كأداة لتعزيز حماية البيئة ودعم الجهود للنهوض بقطاع البيئة، سنحاول التطرق الى بعض القوانين المتعلقة بقطاع البيئة.*1*

1الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة :

يعتبر ظهير شريف 114.09 صادر في جمادى الأول 1435 (6مارس 2014) بتنفيد القانون الإطار رقم 99.12 بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة ويتكون من مجموعة كم الأبواب حيث أن يشير إلى الأهداف والمبادئ والحقوق والواجبات الذي يسعى من خلاله إلى تعزيز حماية الموارد والأوساط الطبيعية والتنوع البيولوجي والموروث الثقافي وتبني مقاربة شمولية وبين قطاعية وأفقية عند إعداد وتنفيذ السياسات والإستراتيجيات والبرامج مخططات التنمية على المدى البعيدفي بلادنا،كانت عملية صنع السياسات العمومية تتسم بالانفرادية والمزاجية، فبعد إجهاض تجربة التخطيط الاقتصادي التي جاء بها وزير المالية المرحوم بوعبيد، عاش المغرب نوعا من التخبط في صنع المخططات الاقتصادية، فبعد فشل الرهان الكلي على القطاع الفلاحي، تم التفكير في إقامة قاعدة صناعية وطنية صلبة، واصطدم هذا الحلم بنقص في التمويل وبعزوف الرأسمال الوطني عن الاو الباب الثاني يبرز : حماية البيئة حيث يؤكد على أن الموارد الطبيعية والأنظمة البييئية والتراث التاريخي والثقافي ملكا مشتركا للأمة ، وهدفها تشجيع اللجوء إلى طرق الإستعمال المستدام والمقتصد للموارد المائية وضمان التوازن الإيكولوجي للغابة والانظمة البيئيةالغابوية والتنوع البيولوجي وحماية واستصلاح المواقع ذات الأهمية البيولوجية والإيكولوجية القارية والساحلية والبحرية وتشجيع إحداث مناطق محمية بها وتحيين الإطار التشريعي الخاص بالنفايات وفيما يخص  البابالثالث فقط التطرق إلى التنمية المستدامة التي تشكل عصى الأساسي في التنمية في  ابعادها الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والبيئية والتي تهدف إلى الإستجابة الحاضر دون المساس بقدرات الأجيال المقبلة في هذا المجال وتسهر الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية وشركات الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية وشركات الدولة على إدماج التدابير المستدامة من التنمية المستدامة في السياسات العمومية الشاملة والقطاعية التي تعدها أخذا بعين الإعتبار خصوصيات كل قطاع وكذلك أكد الباب الرابع على التزامات الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية وشركات الدولة والمقاولات الخاصة وجمعيات المجتمع المدني والمواطنين حيث تلتزم الحكومة في أقصر الآجال بالسهر على التدابير الضرورية لتنفيذ هذا القانون الإطار بملائمة كل المقتضيت التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل والمتعلقة بحماية البيئة والتنمية المستدامة مع المبادئ والأهداف والقواعد المنصوص عليها في هذا القانون الإطار أو نسخها أو تحيينها حسب الحالة ثم تطرق  الباب الخامس الحكامة البيئية التي يناط بها التتبع المستمر لجودة البيئة وجمع المعطيات ثم تطرق  الباب السادس إلى قواعد المسؤولية والمراقبة البيئية حيث تم وضع نظام قانوني للمسؤولية البيئية ويشمل هذا النظام على آليات الإصلاح الأضرار وإعادة الوضع إلى حالته السابقة والتعويض عن الأضرار التي البيئة ولاسيما بضمانة مالية عند الإقتضاء وتحدث شرطة للبيئة مهمتها تعزيز سلطة الإدارات المعنية في هذا المجال الوقاية والمراقبة والتفتيش.*2*

2 المؤسسات المكلفة بحماية البيئة :

     إن مرسوم رقم 2.79.247 بتاريخ 26 من جمادى الأخرة 1400 ( 12 مايو 1980 ) يتعلق بغعادة تنظيم المؤسسات المكلفة بحماية البيئة وتحسينها حيث يتكون من جزئين؛  إذ يشير الجزء الاول إلى المجلس الأول المجلس الوطني للمحافظة على البيئة ثم الجزء الثاني المتعلق  الأمر بالمجالس الجهوية للمحافظة على البيئة حيث خصص الباب الاول مهمة المجلس الوطني للمحافظة على البيئة لصيانه التوازن البيئوي للوسط الطبيعي ( المياه والتربة والهواء والحيوانات والنباتات والمناظر ……) وتحسين إطار الحياة وظروفها ويستخلص من الباب الثاني تنظيم المجلس الوطني للمحافظة على البيئة بضم مجموعة من الوزارات كوزارة الدولة المكلفة بالشؤون الخارجية والتعاون ، وزارة الدولة المكلفة بالشؤون الثقافية وزارة التجهيز والإنعاش الوطني …… ثم تطرق الباب الثالث إلى سير المجلس الوطني للمحافظة على البيئة ويجتمع المجلس الوطني المحافظة على البيئة مرتين كل سنة في جلسة عامة وكلما دعت الحاجة إلى ذلك ، ويتداول بحضور نصف أعضائه على الأقل وتتخذ قراراته بأغلبية الأعضاء الحاضرين ، وعند تعادل الاصوات يرجح الجانب المنتمي إليه الرئيس ثم خصص البابالأول والثاني من جزء الثاني لمهمة المجالس الجهوية للمحافظة على البيئة من جرد مشاكل البيئة الجهوية بما فيها المشاكل المتعلقة بالتشريع والتنظيم و إرشاد المجلس الوطني للمحافظة على البيئة وتوصياته والعمل على تنفيذها داخل الحدود الترابية للجهات المحدثة بالظهير الشريف رقم 1.71.77 المشار إليه أعلاه المؤرخ في 22 من ربيع الأخر 1391 ( 16 يونيو 1971 )،يرأس المجلس الجهوي للمحافظة على البيئة رئيس المجلس الجهة يضم أعضاء مكتب مجلس الجهة ورؤساء المجالس الاقاليم والعاملات وممثليهم وممثلي وزارات والاعضاء المجلس الوطني للمحافظة على البيئة بما فيهم ممثل الوزارة الداخلية على كل إقليم او عمالة ثم الباب الثالث الذي يتطرق إلى سير المجالس الجهوية المحافظة على البيئة الذي يجتمع المجلس الجهوي للمحافظة على البيئة  من رئيسه مرتين كل سنة في جلسة عامة وكلما دعت الحاجة إلى ذلك ويجتمع كذلك بطلب من رئيس المجلس الوطني للمحافظة على البيئة .*3*

3-القانون المتعلق بدراسة التأثير على البيئة:

يعتبر ظهير الشريف 1.03.60 الصادر في 10 ربيع الأول 1424 (12ماي2003) بتنفيذ القانون رقم 12.03 المتعلق بدراسة التأثير على البيئة؛ حيث ركز على المصطلحات الأساسية البيئة ودراسة التأثير على البيئة والطالب والموافقة البيئية، وتعليمات توجيهية، والأسس المرجعية، والمناطق الحساسة ، وتطرق  إلى الأهداف دراسة تأثير على البيئة إلى تقييم ممنهج والمسبق إلى الأثار المحتملة المباشرة والغير المباشرة والمؤقتة والدائمة مشروع على البيئة ثم يتحدث عن دراسة تأثير على البيئة وتحدث لدى السلطة الحكومية المكلفة بالبيئة واللجنة الوطنية ولجان جهوية لدارسة التأثير على البيئة تناط بها مهمة فحص دراسات التأثير على البيئة وإبداء الرأي طول الموافقة البيئية للمشاريع تحدد شكليات إحداث اللجنة الوطنية واللجان الجهوية وطرق تسييرها  واختصاصاتها بواسطة نص تنظيمي . أما الباب الرابع من هذا القانون فيتجلى دوره في ضبط المخالفات وحق التقاضي ويتولى ضباط الشرطة القضائية و الاعوان المحلفون و المكلفون من طرف الادارة و الجماعات المحلية بمعاينة وضبط مخالفات مقتضيات هذا القانون و نصوص التطبيقية .*4*

4 القانون المتعلق بمكافحة تلوث الهواء :

إن ظهير شريف رقم 1.03.61 صادر في 10 ربيع الاول 1424 ( 12 ماي 2003) بنتنفيد القانون رقم 13.03 المتعلق بمكافحة تلوث الهواء حيث يتكون من سبعة فصول الفصل الاول تعاريف   الفصل الثاني مجال التطبيق حيث يهدف هذا القانون الى الوقاية و الحد من انبعاث الملوثات الجوية التي يمكن ان تلحق اضرارا بصحة الانسان و الحيوان و التربة و المناخ والثروات الثقافية و البيئية بشكل عام ويطبق على كل شخص طبيعي او شخص معنوي خاضع للقانون العام او الخاص يملك أو يحوز أو يستعمل أو يستغل عقارات أو منشآت منجمية أو صناعية أو تجارية أو فلاحية أو منشآت متعلقة بالصناعة التقليدية أو عربات او اجهزة ذات محرك أو اليات احتراق الوقود أو لإحراق النفايات او للتسخين او للتبريد.   ثم التطرق الفصل الثالث الى مكافحة تلوث الهواء او رمي مواد ملوثة في الهواء كالغازات السامة او الاكالة او الدخان او الروائح بنسبة تفوق القدر او التركيز المسموح به حسب المعايير التي تحددها نصوص تنظيمية ثم ينتقل الى الفصل الرابع الى وسائل المكافحة و المراقبة حيث يكلف بمعاينة مخالفات احكام هدا القانون و النصوص الصادرة بتطبيقه علاوة على ضباط الشرطة القضائية الموظفون و الاعوان المأمورون المنتدبون لهذا الغرض من لدن الادارة المختصة وكدا المحلفون وفق للتشريع الخاص باليمين المفروض اداؤها على المأمورين محرري المحاضر ثم الفصل الخامس و السادس اجراءات انتقالية ثم الفصل السابع مقتضيات ختامية.*5*

5- القانون المتعلق بالمقالع :

إن الظهير الشريف رقم 11566 صادر في 21 من شعبان 1436 (9يونيو2015) بتنفيد القانون رقم 13 27 المتعلق بالمقالع يتكون من اثني عشر باب حيث يتحدث عن دور المقالع في مواكبة التنمية الاقتصادية و الاجتماعية في بلادنا حيث تزود قطاع البناء و البنيات التحتية التي تعتبر أحد أهم القطاعات الاساسية في الاقتصاد الوطني ثم دور المقالع في الاستثمار وخلق فرص تشغيل محلية تساعد في الاقلاع الاقتصادي.*6*

6- القانون المتعلق لحماية الساحل :

قانون رقم 81 12 يتعلق بالساحل و يحدد هذا القانون المبادئ و الركائز الاساسية من أجل تدبير مندمج ومستدام للساحل قصد الحماية و المحافظة عليه ويعد مخطط الوطني و التصاميم الجهوية للساحل من الاليات المعتمدة لتدبير الساحل ويحدد التوجهات و الاهداف العامة المراد بلغوها في مجال حماية و استصلاحه و ادماج بعد حماية الساحل في السياسات القطاعية خاصة في مجالات الصناعة و السياحة و الاسكان و اشغال البنية التحتية ويقوم التصميم الجهوي للساحل طبقا لأهداف المخطط الوطني للساحل و توجهاته حيث يراعي وثائق التعمير واعداد التراب طبقا للتشريع الجاري به العمل .*7*

7-القانون المتعلق بالمناطق المحمية :

ظهير شريف رقم 110123 صادر في 3 شعبان 1431 (16 يوليوز 2010) بتنفيد القانون رقم 22,07 المتعلق بالمناطق المحمية حيث يتوفر المغرب على تراث طبيعي غني بالأنواع النادرة و الانظمة البيئية الطبيعية و بمناظر ذات قيمية عالية وجب المحافظة عليه وصونه ثم تصنيف المناطق الى منتزه وطني طبيعي بيولوجية طبيعية و موقع طبيعي حيث يتم اتباع مسطرة احداث المناطق المحمية و تقوم برسم الحدود النهائية للمنطقة المحمية المذكورة و تباشر مسطرة اصدار مشروع مرسوم إحداثها .*8*

8القانون المتعلق بمراقبة مبيدات الآفات الزراعية و تنظيم الاتجار فيها :

القانون رقم 32.00 الصادر في بتنفيذه الظهير الشريف رقم 101350 بتاريخ 15 من ذي القعدة 422 29 يناير 2002 الجريدة الرسمية عدد 4977 بتاريخ 28 ذي القعدة 1422 11 يناير 2002 الجريدة الرسمية عدد 4977 بتاريخ 28 ذي القعدة 1422 11 فبراير 2002 ص 250 حيث ان قانون رقم 95 42 يتعلق بمراقبة مبيدات الآفات الزراعية و تنظيم الانجاز فيها التي لابد من تسليم رخص لبيع المواد المبيدات و يجوز للمشرع وضع قيود على استعمالات المبيدات ثم عقوبات جنائية على المخلين بالقانون قد تختلف حسب نوع الاخلال.*9*

9- القانون المتعلق بحماية انواع النباتات و الحيوانات المتوحشة ومراقبة الاتجار فيها :

وافق على هذا القانون مجلس المستشارين و مجلس النواب ويتكون من سبعة أبواب قانونية تهدف الى حماية و الاتجار في انواع النباتات و الحيوانات المتوحشة .*10*

10-القانون المتعلق لتدبير النفايات و التخلص منها :

القانون رقم 2800 يتعلق بتدبير النفايات و التخلص منها يتكون من تسعة اقسام كل قسم يعالج مختلف و انواع النفايات و العقوبات المنصوص عليها قانونيا للمخالفين .*11*

11-القانون المتعلق بالشرطة البيئية :

يشير مرسوم رقم 214782 صادر في 30 من رجب 1436 19 ماي 2015 إلى كيفية سير الشرطة البيئية حيث تناط بمهام المراقبة و التقنيين و البحث و التحري ومعاينة المخالفات و تحرير المحاضر في شانها المنصوص عليها في مقتضيات كل من القانون رقم 1103 و القانون رقم 1203 والقانون رقم 1303 والقانون رقم 2800 السالف الدكر  وتعد السلطة الحكومية المكلفة بالبيئة الحصيلة السنوية لأنشطة الشرطة البيئية بتشاور مع السلطات الحكومية المعنية و مصالح الجماعات الترابية المكلفة بموجب التشريع الجاري به العمل .*12*

12-قانون رقم 95-10 المتعلق بالماء وأسسه التنظيمية:

يعتبر الماء موردا طبيعيا أساسيا ومادة ضرورية يرتكز عليها الجزء الأكبر من الأنشطة الاقتصادية للإنسان، كما أنه مورد يتميز توفره بعدم الانتظام في الزمان والمكان، وهو أخيرا شديد التأثر بالانعكاسات السلبية للأنشطة البشرية.

إن ضروريات التنمية الاقتصادية والاجتماعية تفرض اللجوء إلى تهيئة الماء لتلبية حاجيات السكان التي تعرف تزايدا مستمرا، وغالبا ما تكون هذه الحاجيات متنافسة، بل وحتى متناقضة، الأمر الذي يجعل عملية تدبير الماء جد معقدة وتنفيذها صعبا ولمواجهة هذه الوضعية كان من الضروري التوفر على أدوات قانونية ناجعة قصد تنظيم توزيع الموارد المائية ومراقبة استعمالها وكذا ضمان حمايتها والحفاظ عليها.

تنظم استعمال الملك العام المائي قواعد قانونية ذات مصادر مختلفة، غير أن أول نص قانوني يخص الماء في المغرب يعود تاريخه إلى سنة، 1914 ويتعلق الأمر بالظهير الشريف الصادر في 7 شعبان 1332فاتح يوليوز 1914حول الأملاك العامة والمتمم بظهيرين شريفينصدرا سنة 1919 و1925 الذي يدمج جميع المياه مهما كان شكلها في الأملاك العامة المائية، ومن ثم لا يمكن للموارد المائية أن تكون موضوع تملك خاص باستثناء المياه التي اكتسبت عليها حقوق قانونية، وقد صدرت بعد ذلك نصوص أخرى لمواجهة الحاجيات الجديدة التي ظهرت.

إن النصوص الأساسية المتعلقة بالماء تعود فيمجموعها إذن إلى العقود الأولى من القرن، ولقد أعدت تبعا للحاجيات والظروف، إلى درجة أن التشريع المغربي الحالي المتعلق بالماء يكتسي شكل مجموعة من النصوص المبعثرة التي تم تحيينها في مراحل وتواريخ مختلفة.

إن هذا التشريع لم يعد اليوم ملائما للتنظيم العصري كما أنه لا يستجيب لضروريات التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد، وبالفعل فإن الشروط الحالية لاستعمال الماء لم تعد تلك التي كانت سائدة في بداية القرن، حيث لم تكن الموارد المائية مطلوبة بنفسالإلحاح الذي يميز الوقت الراهن، وذلك بسبب قلة الطلب على الماء وضعف مردودية تقنيات التعبئة، لهذه الأسباب جميعا أصبحت مراجعة التشريع الحالي للمياه وتوحيده في قانون واحد ضرورية.

وفي إطار هذه المراجعة، لا يقتصر قانون الماء على إعادة صياغة التشريع الجاري به العمل فقط، بل اهتم أساسا بتتميمه بإضافة أحكام تتعلق بميادين لم يتعرض لها من قبل من جهة ومن جهة أخرى بتصفية النظام القانوني الخاص بموارد المياه.

يسعى هذا القانون إلى إقرار سياسة وطنية مائية مبنية على نظرة مستقبلية تأخذ بعين الاعتبار تطور الموارد المائية من جهة، والحاجيات الوطنية من جهة أخرى، متضمنا تدابير قانونية ترمي إلى ترشيد استعمال الماء، وتعميم الاستفادة منه، وتضامن الجهات، وتدارك الفوارق بين المدن والبوادي في إطار برامج تهدف إلى تحقيق الأمن المائي على مستوى مجموع تراب المملكة.

كما سيساهم بشكل فعال في خلق الإطار الملائم للشراكة بين الإدارة والجماعات القروية بغية الإسراع في تدارك الفوارق بين المدن والبادية في إيصال الماء الصالح للشرب.

في هذا الصدد يشكل قانون الماء الأساس القانوني لسياسة الماء في البلاد بحيث يرمي إلى تحقيق الأهداف التالية:*14*

• تخطيط منسجم ومرن لاستعمال الموارد المائية سواء على مستوى الحوض المائي أو على المستوى الوطني؛ وتعبئة قصوى وتسيير معقلن لكل الموارد المائية أخذا بالاعتبار أنظمة الأسبقية المحددة في المخطط الوطني للماء؛

• تدبير للموارد المائية في إطار وحدة جغرافية في الحوض المائي الشيء الذي يعتبر ابتكارا مهما من شأنه خلق وتطبيق تصور حول تدبير لامركزي للماء.وفعلا، يشكل الحوض المائي المجال الجغرافي الطبيعي الأمثل لضبط وحل المشاكل المتعلقة بتدبير موارد المياه، وكذا لتحقيق تضامن جهوي فعلي بين مستعملي مورد مائي مشترك؛

• حماية كمية ونوعية الأملاك العامة المائية في مجموعهاوالحفاظ عليها؛

إدارة ملائمة للماء تمكن من التوصل إلى تصور واستعمال ومراقبة العمليات المذكورة وذلك بإشراك السلطات العمومية والمستعملين في اتخاذ كل قرار متعلق بالماء؛ كما أن هذا القانون يهدف كذلك إلى الرفع من قيمة الموارد المائية ومن مردودية الاستثمارات 

• الخاصة بالماء أخذا بالاعتبار المصالح الاقتصادية والاجتماعية للسكان من خلال الحفاظ على الحقوق المكتسبة.

لبلوغ هذه الأهداف وتدعيم الإطار المؤسسي الموجود في مجال تدبير الماء، أحدث قانون الماء وكالات الأحواض، وهي مؤسسات عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، وتتمثل مهمتها في تقييم وتخطيط وتدبير موارد المياه على صعيد الأحواض المائية.*15*

ويمكن لهذه الوكالات منح قروض ومساعدات وإعانات لكل شخص يقوم باستثمارات لتهيئة الموارد المائية أو المحافظة عليها وتتشكل مواردها من الإتاواتالمستحقة عن استعمال الماء، ومن القروض ومن المعونات ومن الهبات… وهكذا، وبفضل المرونة في التسيير واتخاذ القرارات المتاحة لوكالات الأحواض، يمكن لكافة مستعملي الماء في الحوض الواحد الاستفادة من الدعم المالي والمساعدة التقنية اللازمة لهم لإنجاز العمليات المتعلقة باستغلال الملك العمومي المائي.

ويرتكز قانون الماء على عدد من المبادئ الأساسية الناتجة عن الأهداف السالفة الذكر ويتعلق الأمر بما يلي:

الملكية العامة للمياه: حسب هذا المبدأ الذي وضعبظهيري 1914 و1919 فإن كل المياه تشكل جزءا منالأملاك العامة باستثناء الحقوق المكتسبة على هذه المياه،والمعترف بها، غير أن ضرورة الاستثمار الأقصى للمواردالمائية الذي تفرضه .

 ندرتها قد جعل القانون يحد من ملكية هذه الحقوق بحيث أنه لا يحق لمالكي الحقوق على المياه وحدها أو على مياه لا يستعملونها إلا جزئيا تفويتها إلا لمالكي العقارات الفلاحية؛ ووضع تخطيط لتهيئة الموارد المائية وتوزيعها ينبني على تشاور موسع بين المستعملين والسلطات العمومية؛

 حماية صحة الإنسان بواسطة استغلال وتوزيع وبيع المياه المخصصة للاستعمال الغذائي؛ وتقنين الأنشطة التي من شأنها أن تلوث الموارد المائية؛

 التوزيع العقلاني للموارد المائية في فترة الجفاف للتخفيف من آثار النقص؛

 الرفع من المردودية الزراعية بفضل تحسين شروط تهيئة واستعمال المياه المخصصة للاستعمال الفلاحي؛

 وضع جزاءات وإحداث شرطة للمياه لزجر كل استغلال غير مشروع للماء أو كل فعل من شأنه أن يفسد جودته؛

 ومن مميزات هذا القانون أيضا أنه سيساهم في تحسين الوضع البيئي للموارد المائية الوطنية حيثسيكون أداة فعالة لمحاربة تلوث المياه علما بأن تحقيق هذا الهدف يتطلب عملا تشريعيا إضافيا في مجال تدبير الشواطئ وتقنين استعمال المواد الكيماوية المستعملة في الأنشطة الاقتصادية الإنتاجي.*16*

إن قانون الماء سيمكن من وضع قواعد جديدة لاستعمالالماء تتلاءم والظروف الاقتصادية والاجتماعية للمغربالمعاصر، وسيرسى الأسس لتدبير ناجع في المستقبل وذلك لرفع التحديات المرتقبة لضمان تزويد البلاد، كما أن هذا القانون الجديد سيسمح باستثمار الجهود الكبيرة المبذولة من أجل تعبئة واستعمال الماء وجعلها ملائمة لتطلعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية لمغرب القرن الواحد والعشرين.

13-قانون رقم 11-03 وأسس حماية واستصلاح البيئة

يهدف هذا القانون إلى وضع القواعد الأساسية والمبادئ العامة للسياسة الوطنية في مجال حماية البيئة واستصلاحها، وترمي هذه القواعد والمبادئ إلى الأهداف التالية:

 حماية البيئة من كل أشكال التلوث والتدهور أيا كانمصدره؛

 تحسين إطار وظروف عيش الإنسان؛

 وضع التوجهات الأساسية للإطار التشريعي والتقني والمالي المتعلق بحماية وتدبير البيئة؛

 وضع نظام خاص بالمسؤولية يضمن إصلاح الأضرار البيئية وتعويض المتضررين.

يرتكز تنفيذ أحكام هذا القانون على المبادئ العامة التالية:

– حماية البيئة واستصلاحها وحسن تدبيرها جزء منالسياسة المندمجة للتنمية الاقتصادية والاجتماعيةوالثقافية؛

– حماية البيئة واستصلاحها وتحسينها منفعة عامة ومسؤولية جماعية تتطلب المشاركة والإعلام وتحديد المسؤوليات؛

– إقرار التوازن الضروري بين متطلبات التنمية الوطنيةومتطلبات حماية البيئة حين إعداد المخططات القطاعية للتنمية وإدماج مفهوم التنمية المستدامة حين وضع وتنفيذ هذه المخططات؛

– الأخذ بعين الاعتبار حماية البيئة والتوازن البيئي حينوضع وتنفيذ مخططات إعداد التراب الوطني؛

– تفعيل مبدأ «المستعمل المؤدي» ومبدأ «الملوث المؤدي»في إنجاز وتدبير المشاريع الاقتصادية والاجتماعية وتقديم الخدمات؛

احترام المواثيق الدولية المتعلقة بالبيئة بمقتضياتها ومراعاة مقتضياتها عند وضع المخططات والبرامج التنموية وإعداد التشريع البيئي.

على سبيل الختم :

بناء على ما سبق، نخلص إلى أن فهم مسار عملية السياسات العامة وضمنها الســـــياسة البيئية، لا تستقيم الا في ظل الوعي الأكيد بعلاقة السياسات العامة والسياسات العمومية، وضمنها التمايزات والتقاطعات الحاصلة داخل صنع كل واحدة منها لتمايزات وتقاطعات فرضتها تحولات حركية ودينامية الفعل العام داخل الدولة الحديثة، والتي ارتبطت بديناميتين أساسيتين: ترتبط أولها بالدولة كجهاز اداري بيروقراطي تبلور نتيجة مسلسل العقلنة، والثانية بالدولة كجهاز سياسي حكومة تمثيلية، قرارات إدارية.