المغرب.. زيادة رسوم التسجيل بالمكتبة الوطنية تُثير غضب الطلبة وتضع وزارة الثقافة تحت الضغط.

الوطن 24/ الرباط
أثار قرار المكتبة الوطنية للمملكة المغربية رفع رسوم التسجيل، حالة من الاستياء والارتباك بين الطلبة والباحثين، في وقت كان من المفترض أن تكون فيه المؤسسة فضاءً للمعرفة والدعم العلمي لا عبئًا ماليًا إضافيًا.
ويواجه الطلاب، خصوصًا القادمون من مدن بعيدة أو المنحدرون من أسر محدودة الدخل، صعوبات مالية مضاعفة مع مصاريف السكن والدراسة والتنقل، لتضاف إليها الآن رسوم التسجيل الجديدة، ما جعل الوصول إلى مصادر المعرفة تحديًا يوميًا بدلاً من أن يكون حقًا مكفولًا.
رغم أن إدارة المكتبة تبرر الزيادة بأنها تهدف إلى تحسين الخدمات وتطوير البنية التحتية، إلا أن الواقع يعكس عكس ذلك. ففضاءات المطالعة ما تزال تفتقر إلى التهيئة الملائمة، ومحدودية الكتب والمراجع تُعيق البحث العلمي، إضافة إلى ضعف صبيب الإنترنت، وسوء التعامل من بعض المستخدمين، مما يترك لدى الطلبة انطباعًا سلبيًا عن المؤسسة.
وفي ظل هذا الواقع، يلاحظ مراقبون غيابًا واضحًا لتدخل وزارة الثقافة، التي من المفترض أن تشرف على مثل هذه القرارات قبل تطبيقها. ويُرجّح البعض أن الزيادة مرتبطة بمشروع رقمي جديد أُطلق تحت اسم “Passe Jeune”، ويهدف إلى إنشاء مكتبة رقمية وطنية. لكن تحميل الطلبة كلفة هذا المشروع يُعتبر مخالفة للمنطق الاجتماعي والثقافي، إذ يفترض أن تكون مثل هذه المبادرات مجانية ومدعومة من ميزانية الدولة، لا أن تتحملها جيوب الشباب الأكثر هشاشة.
على منصات التواصل الاجتماعي، عبّر الطلبة عن غضبهم بشكل واسع، مع نشر منشورات تُطالب بإلغاء الزيادة فورًا، معتبرين أن القرار يعوق البحث العلمي ويزيد من التفاوت بين الطلبة في المدن الكبرى ونظرائهم في المناطق النائية. وانتشرت وسمات مثل #المكتبة_للجميع و**#لا_لزيادة_الرسوم**، لتصبح منبرًا رقميًا لمواجهة القرار ورفع الصوت ضد ما وصفوه بـ”سياسة الإقصاء المالي”.
إن ما يحدث في المكتبة الوطنية اليوم يعكس فشلًا إداريًا واضحًا وضعفًا في الرؤية الثقافية، فبدل تحسين جودة الخدمات وتعزيز البنية التحتية الرقمية، اختارت الإدارة الطريق الأسهل: زيادة الرسوم. وهو قرار يُظهر الانقطاع عن الواقع الاجتماعي للطلبة ويكشف عن غياب الحس المسؤول تجاه الدور الثقافي للمكتبة.
آن الأوان لتتدخل وزارة الثقافة بحزم، وتعيد النظر في هذا القرار الذي يهدد جوهر المكتبة الوطنية كمرفق عمومي لخدمة المعرفة، لأن الثقافة لا تُقاس بالأثمان، بل ببناء العدالة المعرفية وتكافؤ الفرص.
