المغـرب: اجتماع سطات و القطرة التي أفاضت الكأس

كلنا يتذكر منذ سنوات ما أحدثه من عواصف وقلاقل النائب الإقليمي بوزارة التربية الوطنية الأستاذ أحمد كيكيش والذي تم إنهاء مهامه في عهد الوزير بلمختار، وهو الذي وقف صامدا في وجه من يعتبرهم لوبيات ومافيات الصفقات الذين يستولون – حسب ملاحظاته العينية المتكررة – على حوالي 60 في المئة من ميزانية الوزارة وينفخون في الفواتير,وهذا أمر خطير للغاية إن صح اتهامه،ويقول أنه استطاع أن ينقذ الوزارة باتفاق مسبق مع المرحوم الوزير محمد الوفا من استغلال المال العام في مشاريع تصب في مصلحة من يصفهم بـ “مافيا الصفقات”. لذلك فقطاع التربية الوطنية بالمغرب يشهد – فيما يبدو – صراعات حادة بين الرغبة في الإصلاح من جهة ومحاولات الفساد المستمرة من جهة أخرى، و هو  ما تجلى في الصدام الأخير بين عامل إقليم سطات والمدير الإقليمي للتربية الوطنيةويكشف هذا الصدام بالفعل وجود “مافيا صفقات” تتحكم في القرارات التربوية وتعرقل مسار الإصلاح، مما يثير تساؤلات حول مدى جدية الإصلاحات التربوية ومسؤولية مختلف الأطراف في هذا الملف الشائك

إن الصراع الذي حدث بين العامل إبراهيم أبو زيد والمدير الإقليمي يعري عن عمق الأزمة التي يعيشها القطاع التربوي، ففي حين يسعى العامل إلى تطبيق الإصلاحات وتحسين الأداء، يجد نفسه أمام مقاومة شديدة من طرف المدير الذي يمثل، حسب التدخل غير المسبوق للعامل، جزءًا من “مافيا الصفقات” التي تتحكم في القرارات التربوية

وفي هذا الصدد، عنون النائب الإقليمي أحمد كيكيش، في تدوينة له على صدر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك”، ما حدث “العامل يصطدم بفلول النظام التربوي السابق “مافيا الصفقات” وأضاف كيكيش، في ذات التدوينة، قائلا: “موضوع العامل والمدير الإقليمي يسائل من جديد المنظومة التربوية؟؟ ويعتبر العامل منسق المصالح الإقليمية للقطاعات الوزارية.. من حقه أن يتساءل عن مؤشرات تقدم الأشغال بهذه القطاعات، وما وقع في سطات في رأيي له ما يبرره

وأردف كيكيش قائلا: “من حيث الشكل لا نتفق مع العامل في أسلوب مخاطبته للمدير الإقليمي رغم ضعف شخصية المدير الإقليمي، لكن من الناحية الجوهرية العامل على حق لأنه واجه فلولا من النظام التربوي الذي أفسد البرنامج الاستعجالي ولازال يفسد الصفقات بهذا القطاع، حيث أن هذا اللوبي يتحكم في إسناد مهمة مدير إقليمي او مدير جهوي الى يومنا هذا بالمحسوبية والطاعة.. ومسؤولية لما يحدث في القطاع يتحمله رئيس الحكومة وأعي ما أقول

مدير إقليمي سابق يدين زميله ويبين كيف كان سيرد على العامل لو كان مكانه

فما أثاره إذن المدير الإقليمي السابق أحمد كيكيش يكشف أن الفساد مستشر في القطاع التربوي، ويتجلى في العديد من الممارسات مثل المحسوبية والزبونية في تعيين المسؤولين، والتحكم في الصفقات العمومية والنفخ في الفواتير،وتعطيل المشاريع الاستعجالية، وهذه الممارسات الفاسدة تؤثر بشكل مباشر على جودة التعليم وتضيع الأموال العامة، مما يضر بمصلحة التلاميذ والأمة بأسرهاوحمل كاتب التدوينة، رئيس الحكومة مسؤولية ما يحدث في القطاع التربوي، واعتبر أن الفساد المستشري فيه نتيجة لغياب الإرادة السياسية الحقيقية لمكافحته، كما شدد على أن المسؤولين عن القطاع يتحملون مسؤولية مباشرة عن تدهور حال التعليم وتعطيل الإصلاحات

إن ما وقع بين العامل أبو زيد والمدير الإقليمي هو مجرد مثال واحد على الأزمة التي يعيشها قطاع التربية بالمغرب، ولمواجهة هذه الأزمة، يجب على الجميع تحمل مسؤولياتهم، من الحكومة إلى المسؤولين التربويين، إلى المجتمع المدني، فالإصلاح التربوي ليس خيارًا، بل ضرورة ملحة لبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة