المغـرب: مشاريع ملكية مجمدة وسوق الأربعاء الغرب في مهب التهميش.

رغم التوجيهات الملكية السامية والرؤية الاستراتيجية الهادفة إلى تحقيق عدالة مجالية وتنموية في مختلف أقاليم المملكة، تعيش مدينة سوق الأربعاء الغرب على وقع صدمة تنموية حقيقية، بعدما تحوّلت من نموذج منتظر للنهضة إلى عنوان صارخ للتوقف والجمود.

في قلب جهة الغرب، وعلى بعد كيلومترات من العاصمة الرباط، تتربّع سوق الأربعاء الغرب بموقع استراتيجي بالغ الأهمية، على محور الطريق الوطنية رقم 1 والطريق رقم 2، وتشرف إداريًا على أزيد من 13 جماعة قروية. المدينة كانت مرشحة لأن تتحول إلى عمالة قائمة بذاتها ضمن مشروع التقسيم الإداري الجديد، مدعومة بمخطط ملكي طموح خصّص له غلاف مالي ضخم بلغ 840 مليون درهم. لكن شيئًا ما حدث.

من أصل 87 مشروعًا مبرمجًا لفائدة المدينة والإقليم، لم يُنجز سوى الثلث، بينما تعثّرت مشاريع حيوية كالمحطة الطرقية والطريق الدائري، والتهيئة الحضرية لأحياء واسعة من المدينة. كما بقيت مشاريع ثقافية ورياضية مهمّة رهينة الوعود، من بينها قاعة متعددة الرياضات، ومركب ثقافي، وساحات خضراء، كلها لم ترَ النور رغم مرور سنوات على برمجتها واعتماد تمويلاتها.

مصادر محلية تتحدث عن تبخّر اعتمادات مالية ضخمة، وغياب شبه تام للشفافية في تدبير الصفقات، رغم إخضاع المدينة لتقارير تفتيش من طرف المجلس الجهوي للحسابات، وتحقيقات الشرطة القضائية التي استمعت إلى منتخبين ومسؤولين.

يُعاب على المسؤولين المحليين تداخل المصالح العائلية والحزبية في تسيير الشأن العام. فقد كان لافتًا أن يتولى رئيس المجلس الإقليمي – الذي سبق له أن ترأس جماعة سوق الأربعاء الغرب – الإشراف المباشر على تدبير المشاريع الكبرى، في وقت تتولى فيه زوجته حاليًا رئاسة الجماعة نفسها، بينما يشغل ابنهما منصب برلماني عن الإقليم، مما يجعل من المدينة حالة استثنائية في تركيز السلطة داخل أسرة واحدة. واللائحة تطول في جعل العائلة التي أصبحت دون مسار تاريخي أو حزبي متغلغلة في قلب القرار المجالي وأضحى افرادها واجهة فقط لتدبير أحادي على امتداد الإقليم يمركز كل صغيرة وكبيرة في سلطة واحدة تأمر وتنهى دون وازع مع غياب شبه تام للرقابة القانونية مما يثير تساؤلات كثيرة مشروعة عن مسؤولية اجهزة الرقابة والسلطات الإقليمية والمركزية حتى يثبت العكس.

وسبق لموقع “الوطن 24” أن واكب، على مدى سنوات، كل ما تتعرض له المدينة من تهميش وإقصاء مباشر وغير مباشر، ونبّه إلى خطورة هذا التركيز غير المسبوق للنفوذ، وإلى نتائجه الكارثية على التنمية والديمقراطية المحلية.

يبقى السؤال المؤلم مطروحًا: من يملك المصلحة في إفشال مشروع ملكي بهذه الأهمية؟ ومن المستفيد من إبقاء سوق الأربعاء الغرب خارج ركب التنمية، رغم أنها تشكل نقطة التقاء محورية بين شمال المغرب وجنوبه وغربه؟

المراقبون يرون أن ما يجري يُنذر بخطر أعمق، يتمثل في هشاشة الحكامة الترابية، وغياب المحاسبة الفعلية، وهو ما يستدعي تدخلاً حازمًا من وزارة الداخلية وأجهزة الرقابة الوطنية لتصحيح المسار، وربط المسؤولية بالمحاسبة، لا سيما وأن رهانات التقسيم الجهوي الجديد تتطلب مؤسسات محلية قوية وفعالة.

في ظل هذا الوضع، يرتفع صوت المجتمع المدني والفاعلين المحليين، مطالبين بتفعيل المشاريع المتوقفة، وفتح تحقيق نزيه وشفاف في مصير الأموال المخصصة لتنمية المدينة، ومراجعة شاملة لتدبير الشأن المحلي الذي أضحى رهينة حسابات ضيقة.

مدينة سوق الأربعاء الغرب لا تطلب امتيازات، بل فقط احترامًا لحقها في التنمية والكرامة. فهل من آذان صاغية قبل أن يتحول التأخر إلى تهميش مزمن؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *