تحديث تاريخي على خرائط “غوغل” يُكرّس مغربية الصحراء بعد تصويت مجلس الأمن.

في تطور يعكس التحولات العميقة في الموقف الدولي من قضية الصحراء المغربية، أقدمت شركة “غوغل” على تحديث خدمتها للخرائط لتُظهر الصحراء جزءاً لا يتجزأ من المملكة المغربية، في خطوة وُصفت بالتاريخية وتأتي مباشرة بعد اعتماد مجلس الأمن الدولي لقرار جديد يدعم مقترح الحكم الذاتي الذي تقدّم به المغرب سنة 2007.

ويُعدّ هذا التحديث من طرف عملاق التكنولوجيا الأمريكي بمثابة اعتراف عملي بوحدة التراب المغربي، خصوصاً أنه يأتي في سياق دبلوماسي متميز تُواصل فيه المملكة تحقيق مكاسب متتالية على الساحة الدولية، آخرها تصويت 11 دولة داخل مجلس الأمن لصالح المقترح المغربي يوم 31 أكتوبر 2025، وهو ما عزّز موقع الرباط كفاعل أساسي في استقرار المنطقة.

وبهذا التغيير، أصبحت خريطة المغرب على “Google Maps” تُعرض بشكل كامل ودون أي فواصل أو خطوط متقطعة تفصل أقاليمه الجنوبية عن باقي التراب الوطني، في خطوة نالت ترحيباً واسعاً لدى المغاربة داخل البلاد وخارجها، واعتُبرت انتصاراً رقمياً يُضاف إلى سلسلة الانتصارات الدبلوماسية للمغرب.

ويرى محللون أن هذه الخطوة تتجاوز البعد الرمزي، إذ تُبرز وعي الشركات العالمية الكبرى بالتحولات الجيوسياسية الجارية، وتعكس إدراكها المتزايد بأن الواقع الميداني والسياسي في الصحراء حُسم لصالح المغرب، الذي يواصل تنفيذ مشاريع تنموية كبرى في مدن العيون والداخلة وباقي الأقاليم الجنوبية.

ويُتوقع أن يُسهم هذا الاعتراف الرقمي في تعزيز صورة المغرب كشريك موثوق على الصعيدين الإفريقي والدولي، كما قد يُشجع شركات أخرى على اعتماد نفس التوجه في منتجاتها وخدماتها الرقمية، انسجاماً مع الدينامية الجديدة التي تُرسخ مغربية الصحراء في كل المستويات.

تعتبر “الوطن24” أن التحديث الذي قامت به “غوغل” يُجسد منعطفاً حقيقياً في مسار الاعتراف العالمي بمغربية الصحراء، إذ لم يعد الأمر يقتصر على مواقف الحكومات والدول، بل امتد إلى المؤسسات التكنولوجية العملاقة التي تُشكّل اليوم أحد أبرز مصادر تشكيل الرأي العام العالمي.

وترى الجريدة أن توقيت هذه الخطوة، الذي جاء مباشرة بعد تصويت مجلس الأمن لصالح مقترح الحكم الذاتي، ليس صدفة، بل يعكس انسجاماً مع الاتجاه الدولي نحو ترسيخ الحل المغربي كخيار وحيد وواقعي للنزاع الإقليمي حول الصحراء.

كما يؤكد محللو “الوطن24” أن “غوغل”، باعتبارها من أكبر الشركات تأثيراً في العالم، لا تتخذ قراراتها الجغرافية بشكل ارتجالي، بل وفق معايير دقيقة تراعي الاستقرار السياسي والحقائق القانونية على الأرض، ما يجعل هذا التحديث بمثابة اعتراف غير مباشر بالسيادة الكاملة للمغرب على أقاليمه الجنوبية.

من زاوية اقتصادية واستراتيجية، تشير “الوطن24” إلى أن هذا القرار سيُسهم في تعزيز جاذبية المغرب الاستثمارية، لاسيما في مجالات السياحة والطاقة والاقتصاد الرقمي، حيث يمنح المستثمرين الدوليين رؤية أوضح لوحدة المجال الترابي المغربي واستقراره.

وفي ختام تحليلها، تعتبر الجريدة أن تحديث “غوغل” أعاد رسم الخريطة السياسية في الفضاء الرقمي العالمي، وأرسل رسالة واضحة مفادها أن مغربية الصحراء أصبحت حقيقة مترسخة في الوعي الدولي، وهو ما يُترجم نجاح الدبلوماسية المغربية بقيادة جلالة الملك محمد السادس في جعل قضية الصحراء تحظى بإجماع دولي متنامٍ، سواء في المؤسسات السياسية أو في المنصات التقنية الكبرى.

يرى مراقبون أن خطوة “غوغل” سيكون لها تأثير مباشر على التوازنات الإقليمية داخل المنطقة المغاربية، خاصة بعد أن باتت قضية الصحراء محسومة من الناحية الدبلوماسية والرمزية لصالح المغرب.
فالجزائر، التي استثمرت لعقود في دعم أطروحة الانفصال، تجد نفسها اليوم أمام واقع دولي جديد لم يعد يتفاعل مع سرديتها القديمة، بينما تتجه عواصم عربية وإفريقية إلى تعزيز علاقاتها مع الرباط باعتبارها مركز استقرار إقليمي وشريكاً موثوقاً في محاربة الإرهاب والتنمية المستدامة.

ويؤكد محللون أن هذا التطور الرقمي سيُسهم في تسريع التحولات السياسية داخل الفضاء المغاربي، حيث يُتوقع أن تنعكس مغربية الصحراء المعترف بها رقمياً ودبلوماسياً على مستقبل التعاون الاقتصادي والتكامل الإقليمي، خصوصاً في ظل مشاريع كبرى تربط المغرب بإفريقيا جنوب الصحراء، مثل ميناء الداخلة الأطلسي وخط الغاز النيجيري المغربي.

في النهاية، يُجمع المتتبعون على أن ما قامت به “غوغل” ليس مجرد تحديث تقني، بل خطوة سياسية ذات رمزية قوية تؤكد أن خريطة المغرب الكاملة أصبحت اليوم حقيقة ثابتة في الوعي الدولي، الرقمي والدبلوماسي على السواء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *