تمجيد فاقد لمعناه

الوطن24/ بقلم: ياسمينة الواشيري

ياسمينة الواشيري

تبقى معاناة المرأة في مجتمع المملكة المغربية لا حدود لها من نساء معنفات مستضعفات وكذلك محرومات من أبسط حقوقهن، ومعاناة النساء الأرامل والمطلقات اللواتي يعشن تحت وطأة الفقر وليس لديهن دخل قار ليعلن أبناءهن، لكن تبقى معاناة المرأة القروية أقسى وأعمق من نظيرتها في العالم الحضري، نساء يقمن بمهام ازدواجية داخل البيت ومن خلال تربية الأبناء وفي الحقول من رعي وحرث وجني، عمل شاق متعب ينخر أجسادهن الهزيلة التي أنهكها الأسى والحرمان، تلك المهام الموكلة إليهن وكأنهن لسن مقرونات بالجنس اللطيف كغيرهن من النساء، ولهن الحق في التعليم والتوظيف والترفيه والتمتع بكل ما من شأنه أن يضمن لهن العيش بكرامة وارتياح.

كثر الحديث عن معاناة المرأة القروية بالمغرب في الخطابات السياسية والمحافل الوطنية والدولية، وعبر شعارات الفعاليات الحقوقية النسائية والمجتمع المدني، الكل يثني على ما تقوم به من أدوار متعددة، في حين أن هناك من يعتبر أن هذه الإنسانة البئيسة المحتقرة إن صح القول، تبذل جهودا وكل ما يجب علينا في كل مناسبة التصفيق لها، فالحناجر تصدح بمعاناتها وتسلط الضوء عليها باستمرار، لكن يبقى السؤال المطروح أين نحن من فظاعة ما تعانيه هذه المرأة بالذات؟ وهل عاينا بالملموس تحسين وضعيتها في ظل السياسات الحكومية المطروحة ونضالات الحركات الحقوقية النسائية منذ سنوات؟ وهل تم انتشالها من عذاب محتوم عليها ونحن في الألفية الثالثة؟

من المعروف أن المرأة القروية تبدأ معاناتها من الطفولة، فالفتاة القروية محرومة من ممارسة أبسط الحقوق كالتمدرس واللعب والترفيه مثل باقي الأطفال، ووضعيتها تساؤلنا جميعا من حكومة وفعاليات حقوقية ومجتمع مدني وإعلام فكيف لنا أن نغض الطرف عن مأساتها وهي كائن مدفون على قيد الحياة وغارق في مستنقع من القهر والحرمان ؟

إن البرنامج الذي أكدت الحكومة المغربية أنها تعمل على تنفيذه بتقليص الفوارق الاجتماعية والترابية بالوسط القروي وفق عمل يمتد من 2017 إلى غاية 2023 وفك العزلة عن العالم القروي، من المفروض أن تكون أولى اهتماماته وضعية المرأة القروية، بالتوعية والتحسيس من خلال مراكز وجمعيات يتم إنشاؤها هناك، للتخلص من الموروث الثقافي المترسخ في القرى بتعظيم مكانة الرجل والتنقيص من قيمة المرأة وإهانتها، ونشر الوعي بالنسبة للأسر بحثهن على ضرورة تعليم بناتهن والاستمرارية في ذلك، وعدم الانقطاع عن الدراسة وعدم تزويجهن وهن قاصرات لم يتممن دراستهن، وليس الاهتمام فقط بإنشاء مؤسسات تعليمية دون تغيير العقليات، وتوعيتها بأهمية تمدرس الفتاة منذ السن المحدد للولوج إلى المدرسة ومواصلة ذلك دون توقف مع الاهتمام بالبنية التحتية للدواوير والطرق.

كل ذلك لا يمكن العمل عليه إلا بتضافر الجهود وسن سياسات ناجعة وجادة، للاهتمام بالعالم القروي برمته وعلى رأسه المرأة فالتمجيد والثناء على ما تقوم به ليس في محله، لأن معاناتها ومأساتها تستدعي الندب والحسرة وليس الثناء، فالله سبحانه وتعالى كرم المرأة والإسلام رفع من شأنها ويمكنها تأدية بعض المهام التي تستطيع تحملها فقط، فكيف لمجتمع بسياساته وأحكامه الجائرة وموروثه الثقافي ومعتقداته أن يسيء إليها و يجردها من جميع حقوقها.

تعليق واحد