حقوق الإنسان والحداثة السياسية في المغرب.. نقاش فكري بمركز مدى

الوطن24/ محمد بلمو
شهد مركز مدى للدراسات والأبحاث الإنسانية بالمغرب، يوم السبت 15 فبراير 2025، انعقاد اللقاء الثاني ضمن الموسم الثاني من مشروع “مفاهيم ذات الصلة بالتحول الديمقراطي”، الذي اختار هذا العام موضوع “الحداثة السياسية: المفاهيم والأسس”. وقد تم تخصيص هذا اللقاء لمناقشة قضية “حقوق الإنسان في المغرب”، بحضور نخبة من الباحثين والمتخصصين.
استُهلت الجلسة الأولى بمداخلة للأستاذ يونس شاهيم، الذي ناقش العلاقة بين كونية حقوق الإنسان والخصوصيات الثقافية، مستندًا إلى آراء فلسفية لعدد من المفكرين، من بينهم سلافوي جيجيك، كريشون أبرهارد، محمد أركون، ويورغن هابرماس. وسلطت المداخلة الضوء على التوتر القائم بين الطابع العالمي لحقوق الإنسان والخصوصيات الثقافية للشعوب، بما فيها الثقافة المغربية.
أما الباحث عماد الورياشي، فقد تناول مسألة حقوق الإنسان في مواجهة هيمنة شركات التكنولوجيا في عصر العولمة، معتمدًا على تصور المفكرة الأمريكية شوشانا زوبوف. وأشار إلى خطورة تسليع الإنسان في ظل التطور التكنولوجي، محذرًا من تأثير الشركات الرقمية الكبرى على الحقوق الفردية، بما في ذلك انتهاك خصوصية المواطنين في المغرب.
من جهته، تطرق الباحث محمد جبور إلى العلاقة بين حقوق الإنسان من منظور قانوني، سياسي، وأخلاقي، معتبرًا أن الفهم المتكامل لهذه الحقوق يتطلب دمج هذه الأبعاد الثلاثة. وأكد أن حقوق الإنسان في المغرب، كما في باقي الدول، لا ينبغي إخضاعها لحسابات المنفعة أو التحليلات الربحية، بل يجب النظر إليها باعتبارها حقوقًا أخلاقية تضمن كرامة الإنسان بعيدًا عن أي مقايضات سياسية أو اقتصادية.
في الجلسة الثانية، ناقش الباحث عبد العزيز الراشدي موضوع “حقوق الإنسان من كونية المبادئ إلى ازدواجية المعايير”، حيث انتقد تعامل القوى الدولية مع حقوق الإنسان وفق المصالح الجيوسياسية. وتطرق إلى التحديات التي تواجه حقوق الإنسان في المغرب، خاصة في ظل ازدواجية المعايير التي تنتهجها بعض القوى الكبرى في التعامل مع قضايا الحريات وحقوق الإنسان في المنطقة.
الباحث عليوي خلافة، بدوره، تناول حضور حقوق الإنسان في المناهج الدراسية المغربية، من خلال تحليل مادتي التربية الإسلامية والفلسفة، مشيرًا إلى التفاوت في تناول القيم الحقوقية بين المادتين، ومدى تأثير ذلك على وعي الأجيال الصاعدة بحقوقهم وواجباتهم داخل المجتمع المغربي.
أما الباحث مصطفى الإدريسي، فقد ناقش دور السينما المغربية في حفظ الذاكرة الجماعية، مسلطًا الضوء على الأعمال السينمائية التي تناولت فترات حساسة من تاريخ المغرب، مثل “سنوات الرصاص”، ومشيرًا إلى قصور تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة في تحقيق المصالحة الحقيقية مع ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في المغرب.
وقد تفاعل الحضور مع مختلف المداخلات، التي تميزت بتنوع زوايا النظر بين الفلسفة السياسية، فلسفة القانون، العلوم السياسية، سوسيولوجيا التربية، والسيميولوجيا. وهو ما يعكس انفتاح مركز مدى للدراسات والأبحاث الإنسانية بالمغرب على مختلف الحقول المعرفية، بهدف تقديم رؤية شاملة لمفهوم حقوق الإنسان في المغرب، باعتباره عنصرًا أساسيًا في تحقيق التحول الديمقراطي المنشود.