خرجات وهبي حول مدونة الأسرة: بين التهافت الصادم والضبط المرجعي في المغرب

الوطن24/ الرباط
في خطوة جديدة أثارت موجة من الجدل، رفض عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، التحدث في بداية لقاء خصص لمناقشة تعديلات مدونة الأسرة، مفضلاً أن يكون آخر المتدخلين. قرار الوزير لم يكن عشوائياً، حيث كان يدرك أن مداخلته ستفجر نقاشاً واسعاً بسبب طبيعة التعديلات المثيرة التي قدمها.
وهبي، المعروف بأسلوبه المميز في المزج بين الجدية والتصريحات غير التقليدية، استعرض خلال اللقاء 16 نقطة رئيسية لتعديل المدونة، مستخدماً تعليقات لافتة أثارت ضحك الحاضرين، لكنها لم تخفِ الطابع الجدي للنقاش. من بين هذه النقاط، تحدث الوزير عن شرط الزوجة في عقد الزواج بعدم الزواج عليها، وهو ما اعتبره تطوراً مهماً نحو تحقيق العدالة في العلاقة الزوجية.
غير أن النقاش لم يخلُ من تعليقات متبادلة، إذ رد أحد الحاضرين بأن الزوج قد يشترط في المقابل عدم الإنفاق على زوجته أثناء الزواج، خاصة إذا كانت تتقاضى راتباً يفوق دخله، أو حتى إسقاط النفقة بعد الطلاق. وأضاف ممازحاً أن عقد الزواج قد يتحول بهذه الطريقة إلى “عقد بيع وشراء”.
تصريحات وهبي وتفاعل الحاضرين أشعلت نقاشاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر البعض أن الوزير استخدم أسلوباً مرحاً للتخفيف من حدة النقاش، بينما رأى آخرون أن هذه التصريحات تعكس محاولة لإثارة قضايا جوهرية بطريقة غير تقليدية.
ورغم الأجواء الساخرة، إلا أن النقاش حول مدونة الأسرة يبقى محورياً، خاصة في ظل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي يشهدها المغرب. ويرى مراقبون أن تعديلات المدونة تمثل فرصة لإعادة صياغة العلاقة بين الزوجين بما يحقق الإنصاف، مع الحفاظ على توازن الأسرة المغربية.
ومهما كانت التغييرات التي تحدث في الزمان والتحولات التي تطرأ على المجتمعات والتبدلات التي تستجد في أحوال الناس وعلاقاتهم فإن الثوابت الدينية التي يستمد منها التشريع المغربي القانون الأسري من النصوص القطعية الواردة في القرآن الكريم وقي السنة النبوية المفسرة له والشارحة لكيفيات التنزيل والقياس الذي طبقه الأولون وإجماع الأمة وعلماؤها الأخيار والفقه الإسلامي الذي يستنبط كل هذا الكم الهائل من أدلته التفصيلية، من شان هذا والعلم به أن يكون هو الإطار الناظم لكل الإصلاحات والتعديلات المراد إجراؤها في مدونة الأسرة والتي يختصرها كلام عاهل البلاد الملك محمد السادس نصره الله بقوله لاأحل حراما ولا احرم حلالا، وإحالته لكل الاجتهادات والاقتراحات والتصورات أيا كانت خلفياتها على المجلس العلمي الأعلى فما تعارض مع ماسبق ترده الهيئة وما تطابق معه تقبل به إذ هذا هو الأصل في الأشياء حيث لا اجتهاد مع وجود نص قطعي الدلالة والثبوت ويبقى باب الرأي والاجتهاد واسعا ومفتوحا على الدوام شريطة التقيد بقواعد الأمة وثوابتها التي تأسست عليها، لأن هذا الدين جامع وخالد وحركته في الزمان والمكان لا حدود لها علمه من علمه وجهله من جهله.
بين التصريحات المثيرة والجدية، هل ستنجح التعديلات المقترحة في تحقيق توافق مجتمعي؟ سؤال يبقى مفتوحاً، في انتظار ما ستسفر عنه النقاشات المقبلة.