رؤوس الفــتـنة أيْـنَعَــت.
الـوطن 24/ سعيد الكحل.
من أقوال الملك الراحل الحسن الثاني ذات المغزى العميق والمليء بالدلالات: “إذا أردت تحرير وطن ضع في مسدسك عشر رصاصات تسعة للخونة وواحدة للعدو فلولا خونة الداخل ما تجرأ عليك عدو الخارج”. ويشهد واقع الشعوب اليوم مستويات للخيانة تتعدد بتعدد الدوافع السياسية والمادية والطائفية والمذهبية لمقترفيها وخلفياتهم الإيديولوجية وارتباطاتهم بالأجندات الإقليمية والدولية. والمغرب لا يشذّ عن هذه الأنواع من الفتن التي لا تفتأ رؤوس دعاتها ومعاولها تطل من حين لآخر، مستغلين هامش الحريات وحقوق الإنسان وما تتيحه مواقع التواصل الاجتماعي من إمكانيات الترويج الواسع لخطاباتهم الفتنوية التي تخدم مخططات أعداء الوحدة الترابية عبر وسائل شتى، منها: التشويش على جهود الدولة في كل المجالات: التنموية، الأمنية، الاقتصادية، الدبلوماسية؛ التشكيك في مصداقية الدولة ومؤسساتها الدستورية بهدف إحداث فجوة بين الشعب والدولة. ثم التشهير بالدولة سواء عبر الترويج لملفات قضائية تتعلق بالحق العام على أنها ملفات سياسية، أو اتهامها بالانخراط في مخططات خارجية تستهدف تصفية القضية الفلسطينية وضرب الوحدة العربية والإسلامية.
عمالة لأعداء الوطن.
تجتهد رؤوس الفتنة وتتنافس في النيل من سمعة الوطن عبر الترويج للأكاذيب والافتراءات في حق مؤسسات الدولة ومسؤوليها، لدرجة باتت تلك الرؤوس لسان حال أعداء الوطن في إشاعة التهم وترديد ما يريد الأعداء نشره. في هذا الإطار خرج عزيز غالي بتصريحات ببغاوية تكرر أطروحات حكام الجزائر المعادية للمغرب، ومنها قوله في حوار صحفي بأن “رفض الجزائر مساعدة المغرب لهم في إطفاء الحرائق، قرار صائب خوفا من التجسس”، بينما “رفض المغرب مساعدات الجزائر في الزلزال يعتبر « بوليميك خاوية ». وهو في هذا التصريح يتبنى الاتهام المجاني للمغرب بالتجسس وينفي الأبعاد الإنسانية والبيئية والقومية والدينية والتاريخية لمبادرات المغرب الرامية إلى مساعدة الجزائر في إخماد حرائق الغابات. فمن خبث نوايا غالى أنه اعتبر مشاركة طائرات إطفاء الحرائق في منطقة محددة جغرافيا، “تجسسا”، بينما مشاركة فرق جزائرية في إنقاذ ضحايا زلزال الحوز لم يعتبرها تجسسا.
نفس العمالة والخيانة الوطنية عبر عنها وايحمان، وإن بشكل أكثر سفالة لما صرح أنه التقى بقيادات حزب الله في لبنان وبقيادات إيرانية في طهران، وقالوا له إنهم لا يعرفون عصابة البوليساريو من الأساس ولا تعامل معها. وقاحته لم تنته عند هذا الحد، بل تجاوز كل الحدود السياسية والدستورية والروح الوطنية ليعلن “أنا أصدّق حسن نصر الله ولا أصدّق بوريطة.. وحزب الله وإيران ماكيعرفوش أصلا البوليساريو”. ولا شك أن هذا التصريح لا ينفي فقط وجود علاقة بين حزب الله والبوليساريو، بل يكذّب وزير الخارجية السيد بوريطة وكل التقارير التي تثبت وجود العلاقة بين حزب الله وإيران والبوليساريو. فوايحمان لا يخجل من نفسه ومن الشعب المغربي وهو يعلن جهارا أنه يثق في داعمي البوليساريو بالمال والسلاح والتدريب فضلا عن الدعم الدبلوماسي في المحافل الدولية، ولا يثق في وزير الخارجية الذي يتولى مجالا محفوظا للمؤسسة الملكية وينفذ توجيهات جلالة الملك. أي لا يثق في مؤسسات الدولة وأجهزتها الأمنية والاستخباراتية والعسكرية، بينما يثق في أذناب إيران وأذرعها التخريبية.
الوثائق شاهدة على عمالة رؤوس الفتنة.
من سوء وايحمان أن مواقع التواصل الاجتماعي نشرت على نطاق واسع مجموعة صورة تضم عناصر البوليساريو في أماكن ومناسبات عديدة جنبا إلى جنب مع قيادات حزب الله التي يزعم أنها أكدت له عدم معرفتها بهم وبتنظيمهم الانفصالي. إن وايحمان الذي فضل الارتماء في أحضان حزب الله وإيران وخدمة أجندتهما في شمال إفريقيا ضد مصالح المغرب العليا ووحدته الترابية، يتجاهل كلية تصريحات المسؤولين والدبلوماسيين الإيرانيين، ومنها تدخل المستشار الأول للبعثة الدائمة لإيران لدى الأمم المتحدة، محمد رضا سهرايي، في مارس 2021، الذي أعلن فيه، بشكل علني، دعم بلاده لجبهة البوليساريو، وأن إيران تقف إلى جانب “حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير”. بل سمح لنفسه دعوة المغرب إلى “وقف انتهاكاته لحقوق الإنسان في الأجزاء المحتلة والكف عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى والطعن في سلامتها الإقليمية، وأن يفي بالتزاماته تجاه الشعب الصحراوي، ويوقف انتهاكاته لحقوق الإنسان وينفذ قرارات الأمم المتحدة”. إذ كيف للبعثة الدائمة لإيران لدى الأمم المتحدة أن تدعم البوليساريو وهي لا تعرفه ؟ هل يستقيم عقلا ومنطقا هذا الأمر؟ هل هذه البعثة لا تأتمر بأوامر السلطات الإيرانية وتنفذ أوامرها؟ لكن للأسف، كل هذه التصريحات والمواقف العدائية من إيران للمغرب ولوحدته الترابية ومصالحه العليا لم تثر اهتمام وايحمان أو تحْمِله على مراجعة ثقته في ملالي إيران وأذنابهم، أو تقنعه بإدانة العداء الإيراني للمصالح العليا للمغرب. بينما يسمح وايحمان لنفسه بتكذيب السيد ناصر بوريطة وتأكيداته، في كل المناسبات، ومنها المؤتمرات الصحفية أو الاستجوابات أو المحافل الدولية، بوجود دعم عسكري إيراني للبوليساريو يشمل الأسلحة والصواريخ (سام 6 وسام 9) والطائرات المسيرة، فضلا عن التدريبات العسكرية على حفر الأنفاق وحرب المدن والعصابات. فقد سبق للسيد ناصر بوريطة أن أكد خلال مؤتمر صحفي عقده مع نظيره اليمني أحمد عوض بن مبارك، في أكتوبر 2022، إن “طهران، بتبنيها لفاعلين غير حكوميين مسلحين، أصبحت تهدد السلم الإقليمي والدولي، عن طريق حصول هؤلاء الفاعلين على أسلحة وتقنيات متطورة، على غرار الطائرات المسيرة”.