سبق لـ”الوطن 24″ بالمغرب: بعد ضجة “الجنس مقابل الماستر”.. جامعة محمد الخامس بالرباط تتحرك لتنصيب خلية المصاحبة النفسية والاجتماعية لفائدة الطالبات.

في سبق إعلامي لموقع “الوطن 24” بالمغرب، علم أن جامعة محمد الخامس بالرباط، وبالضبط كلية الحقوق أكدال، تعيش على وقع تحركات جديدة بعد الجدل الواسع الذي خلفته قضية “الجنس مقابل الماستر”، والتي أثارت ردود فعل قوية داخل الأوساط الجامعية والحقوقية بالمغرب.

وفقًا لمصادر خاصة بـ“الوطن 24”، تمت دعوة الأستاذ الميداوي من طرف رئاسة جامعة محمد الخامس للإشراف على تنصيب خلية المصاحبة النفسية والاجتماعية داخل الجامعة، وهي مبادرة تهدف إلى تمكين الطالبات من فضاء آمن للإنصات والتوجيه النفسي والتبليغ عن أي سلوك غير لائق داخل الوسط الجامعي.

هذه الخطوة تأتي ضمن مقاربة جديدة تعتمد على الوقاية والدعم النفسي والاجتماعي، وتعزيز الثقة بين الطالبات والإدارة الجامعية، بما يضمن بيئة تعليمية مغربية سليمة قائمة على الاحترام والمسؤولية الأكاديمية.

القضية التي تفجرت بكلية الحقوق أكدال أواخر السنة الماضية تتعلق باتهام أستاذ جامعي باستغلال سلطته الوظيفية لأغراض غير أخلاقية. وقد صدر في حقه حكم بالحبس موقوف التنفيذ لمدة ستة أشهر وغرامة مالية قدرها عشرة آلاف درهم، بحسب ما تم تداوله إعلاميًا.

القرار أثار موجة استنكار واسعة من قبل منظمات نسائية وحقوقية في المغرب، اعتبرت أن العقوبة “غير رادعة ولا منصفة للضحايا”، مشيرة إلى نيتها تنظيم اعتصام أمام مقر الجامعة احتجاجًا على ما وصفته بـ“تساهل القضاء مع قضايا العنف ضد النساء داخل المؤسسات التعليمية”.

عدد من الجمعيات النسائية المغربية عبّرن عن قلقهن من تنامي ظاهرة الابتزاز الجنسي في بعض الفضاءات الجامعية، وطالبن بتفعيل آليات واضحة لتلقي الشكايات، مع إقرار ميثاق أخلاقي ملزم للأساتذة والطلبة يحمي الطالبات من أي استغلال محتمل.

وأكدت ناشطات حقوقيات أن “الجامعة المغربية يجب أن تكون فضاء للعلم والبحث لا مجال فيه للعنف أو الابتزاز”، داعيات إلى إنشاء وحدات دعم قانوني ونفسي على مستوى جميع الجامعات المغربية.

مبادرة الأستاذ الميداوي لتفعيل خلية المصاحبة النفسية والاجتماعية بجامعة محمد الخامس، تعتبر وفق مصادر “الوطن 24”، تحولًا نوعيًا في الثقافة الجامعية بالمغرب، إذ من المنتظر أن تضم الخلية مختصين في علم النفس والاجتماع وخبراء قانونيين، إلى جانب أساتذة جامعيين سيتولون مهمة التوجيه والمواكبة.

كما ستعمل الخلية على تنظيم ورشات للتوعية والتكوين في الأخلاقيات الجامعية، وتعزيز ثقافة الإبلاغ وحماية الكرامة الطلابية، مع ضمان السرية والدعم الكامل للضحايا المحتملين.

تقول سارة.م، طالبة بسلك الماستر بكلية الحقوق أكدال، في تصريح لـ“الوطن 24”:

“هذه المبادرة ننتظرها منذ مدة، لأنها ستمنح الطالبات الثقة في الحديث عن معاناتهن دون خوف من الانتقام أو التشهير. نريد جامعة مغربية تحمي بناتها قبل أن تدرّسهن، لأن الكرامة هي أول درس في كل علم.”

لا بد من إعادة النظر في طرق إسناد الوظيفة الجامعية الخاصة بالأساتذة، إذ لا تكفي الشهادة الجامعية في تولي منصب التدريس، بل يجب الخضوع لتكوين تربوي بيداغوجي يعتمد مقاربات معاصرة تجمع بين العلم والمعرفة من جهة، وعلم النفس التربوي والتعاقد المهني والأخلاقي من جهة أخرى، بما يصون الجامعة ويحمي أطرها وطلابها من كل أشكال الاستغلال بمختلف تجلياته.

فالجامعة المغربية اليوم تحتاج إلى مقاربة جديدة تستحضر التطور العلمي الحاصل على مستوى المعرفة والبيداغوجيا، بما يتوافق مع مخرجات المنهج النقدي الذي وضع الجامعة موضع مراجعة ومساءلة، ويجعل من التكوين الأخلاقي جزءًا لا يتجزأ من تأهيل المدرّس الجامعي.

تسعى رئاسة جامعة محمد الخامس من خلال هذه الخطوة إلى إعادة بناء الثقة في المؤسسة الجامعية المغربية، وتأكيد أن الجامعة فضاء للعلم والأخلاق لا للتسلط أو الاستغلال.
ومن المنتظر أن تُعمَّم تجربة خلية المصاحبة على باقي الكليات والمعاهد التابعة للجامعة خلال السنة الجامعية المقبلة، في إطار رؤية وطنية شاملة لمناهضة جميع أشكال العنف ضد النساء بالمغرب.

“الوطن 24” بالمغرب تتابع هذا الملف عن قرب، وستوافي قراءها بكل المستجدات القضائية والإدارية المرتبطة بالقضية، وكذا نتائج عمل خلية المصاحبة بعد تنصيبها رسميًا داخل الجامعة.