شائعات كثيرة وبعضها مدفوع الثمن

الوطن24/ بقلم: موراد الكرجاوي

لا خلاف على أن الثورة التكنولوجية التي لا أحد يتوقع، أو يتخيل، نهايتها غيّرت وجه العالم بإزالة حدود باعدت طويلاً بين أركانه، لكن وسائل هذه الثورة وفي قلبها مواقع التواصل، لم تسلم، ككل جديد أتيح للبشر، من حمق الاستخدام الذي يحيل كل نعمة إلى نقمة .

هذه الوسائل التي سقطت في يد الجميع بداعي التطور أصبحت في متناول الكبير والصغير، العاقل والأهوج، المتعلم والجاهل، حسن النية والمغرض، فاختلط الحابل بالنابل .

تعامى الصغار والحمقى والجهلاء والمغرضون عن كل ايجابية في أدوات التطور، فحولوا “فيس بوك” و”تويتر” و”انستغرام” وغيرها إلى وقود للفتنة يسكبونة يمنة ويسرة ويفرقون بنيرانها بين المرء وزوجه، والأب وابنه، والجار وجاره، والحاكم والمحكوم، والوطن ومواطنيه وجيرانه ومن تربطهم به أية قربى .

صحيح أن لكل شيء مساوئه، لكن الشطط في استخدام مواقع التواصل وأدواته تجاوز كل حد وجعل سمعة الأشخاص وتماسك المجتمعات ومستقبل الأوطان على حافة الهاوية،فليس أقل، إزاء ذلك الخطر، من وقفة تنبه وتحذر من نار تستشري بتجاهلها غفلة أو ترفعاً .

أخبار مسمومة وملفقة تبث من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، تشعل الفتن وتعمق الخلافات بين الدول التي تربطها علاقات أخوية وتاريخية،

 كدالك شخصيات ورموز وطنية ومسؤولون كبار تعرضوا لعاصفة من الهجوم الذي يروج شائعات، تستهدف الأمن والسلام الاجتماعي في هاته الدولة سعيدة ، لتحقق مصالح خاصة بعد تلفيق الأحداث وتزوير الوقائع ونشر الشائعات،

والمؤسف نجاح مشعلي الفتن في الوصول إلى فئة من الناس يصدقونهم لتنقلب الحقائق والمقاييس وتتبدل المواقف السياسية، رغم أن مواقع التواصل الاجتماعي كانت وسيلة لتبادل الآراء والأفكار وتقريب المجتمعات رغم اختلاف ثقافاتها ولغاتها، حتى تبدلت أدوارها من وسيلة للتواصل الى وسيلة للتدمير .

يظل التفاعل الشعبي تجاه تلفيق مواقع التواصل الاجتماعي متواصلا، إذ إن هناك من اختاروا أن يوظفوا حساباتهم ويسخروا طاقاتهم وعقولهم وأوقاتهم، لكشف الحقائق والتصدي عبر الفضاء الإلكتروني لكل من يتطاول على رموز الدولة ومؤسساتها، ليصبحوا في مواجهة مستمرة مع مروجي التضليل والفتن والشائعات، لتسقط الأقنعة وينكشف ما في نفوس المضللين من حقد .

لكن هل الأفضل تجاهل تلك الفتن والأكاذيب لتتلاشى، أم الحديث عنها وكشف الحقائق وتسليط الضوء عليها؟

ترك الأكاذيب يجعلها حية لتطل برأسها بين فترة وأخرى ولن تموت، ومروجو تلك الأكاذيب في المواقع هم مرضى نفسيون، ولديهم نقص داخلي، وهناك أمراض دفينة في نفوسهم ووجدوا في مواقع التواصل الاجتماعي بوابة للترويج لأمراضهم، وقد يصل الأمر الى أن يكونوا مخابرات وأعداء يريدون الإيقاع بين طرفين، قد يولدون فتنة بين أشخاص ولكنهم أضعف من إشعالها للتفريق بيننا

الشائعات كثيرة وبعضها مدفوع الثمن

الفبركات ليست حديثة، فإذا رجعنا إلى عهد الخلفاء ومن بعدهم فسنجد أن هناك فئة كانت تروج الأكاذيب، فقد كذب على رسول الأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فكيف لا يكذب على من دونه،

ومن بين أسباب فبركة الحقائق في مواقع التواصل الاجتماعي كثيرة، أهمها الإختلاف الفكري والاختلاف العقائدي والحسد والعداوة، وبمتابعتي لمواقع التواصل الاجتماعي وجدت أن فبركات الأخبار هي بسبب اختلافات عقائدية وفكرية،

والمشكلة أن حسابات مروجي الكذب كثيرة ولديهم متابعون كثر وبعضهم لا يدرك كذبهم، وما يزيد الأمر مرارة أن بعض القنوات تروج هذه الفبركات لتصبح أمام الجمهور وكأنها حقيقة،

فعندما ينشر خبر في موقع ويذاع في قناة رسمية فالناس سوف تصدق الخبر، إضافة إلى ذلك نجد بعض الكتاب يكتبون مقالات مدفوعة لتمرير تلك الأكاذيب وترويجها وكأنها حقيقة.

مواقع التواصل الاجتماعي عالم مفتوح، وما يضبطه الضمير وحده فقط ، فالكل يكتب ما يشاء وأمامه لوحة المفاتيح، لكن المغرضين الذين لديهم أهداف خاصة يتعمدون الإساءة إلى الدولة ومؤسساتها

من الصعب مطالبة أجهزة الدولة بمتابعة تلك المواقع، لأن هناك أولويات وخططاً ومهاماً تؤديها الأجهزة الأمنية، ولكن الشائعة حين تمس رمزاً من رموز الدولة يجب صدور توضيح رسمي،

إلى هذا الحد الكل متفق عليه، لكن للاسف الشديد الشيء المنبوذ والمقيت هو ان تستعمل الدولة منهج الاشاعة والاخبار الزائفة وتلفيق التهم الجاهزة لتصفية الاصوات المعارضة لسياساتها من السياسين والصحافيين، وهنا لابد من التدكير بمؤسسة المخزن الاعلامي بزعيمها (خباشي) وتناسل جرائدها الالكترونية والورقية وفي ظل هذه الازمة “كورونا ” تصفي الحسابات مع حزب يقود الحكومة وتستعمل كل الاساليب المقيتة للضرب تحت الحزام وفوقه وفي كل جانب .

فهل ما ينشر في “برلمان.كم” مثلا عن حزب العدالة والتنمية لا يعتبر شائعات ولا يمكن اعتباره اخبارا زائفة ؟؟ الاشكال ان الدولة تحرم الشائعات فقط عندما تريد هي ذلك وتحللها عندما تريد ذلك “الذيب حرام الذيب حلال “

فاذا كانت الدولة تريد تكريس القانون فعلا وتستبب الامن المعلوماتي والصحة المعنوية للافراد والهيئات والمجتمع ككل عليها ان تكف من منطقها المتغول باساليب بائدة لا ترقى الى المستوى المفاهيمي الذي تحدث عنه دستور 2011 خاصة في تكريس الخيار الديمقراطي وحقوق الانسان .

 أخيرا نقول للدولة بيتا شعريا لعلها تراجع أوراقها

” لا تنه عن خلق وتأتي مثله **  عار عليك اذا فعلت عظيم .”