طـريق زقـم المنهار: شريان الحياة الذي تحول إلى كابوس يعزل الجنوب الشرقي للمغـرب.

الوطن 24/ عبدالباري ولد علي.

في الجنوب الشرقي للمغرب، تشهد بعض المناطق وضعًا مقلقًا يعكس تدهورًا واضحًا في البنية التحتية. بين الجبال القاحلة والصحاري الواسعة، تقف الطرقات في مواجهة قاسية مع قوى الطبيعة التي لا ترحم. الحديد الذي يشكل الأساس الضعيف لتلك الطرق، والرمال التي تتسلل كتراب بين ثنايا الأرض، أصبحا عنوانًا حزينًا للواقع المرير الذي يعاني منه السكان المحليون.

طريق زقم، الذي يُعَدُّ شريانًا حيويًا للحركة اليومية بين القرى والمدن الصغيرة، انهار تحت وطأة الزمن وعوامل الطبيعة، مما جعل المرور عليه شبه مستحيل. هذا الانهيار لم يكن مجرد حادثة صغيرة؛ بل كان بمثابة قطع للحياة اليومية في تلك المنطقة، حيث توقفت حركة السيارات، الدراجات، والشاحنات التي تحمل المواد الغذائية، والسلع الأساسية. فقد تحولت الطريق إلى خندق يصعب تجاوزه، مما زاد من عزلة القرى المحيطة وأدى إلى تأخير وصول المساعدات والإمدادات.

تخيل سكان هذه المنطقة، وهم يشاهدون الطرق التي تربطهم بالعالم الخارجي تتهاوى، وكيف أن كل محاولة للخروج أو الدخول إلى تلك المناطق أصبحت مغامرة محفوفة بالمخاطر. الشاحنات التي كانت تقتحم تلك الطرق المحفوفة بالصعوبات لنقل البضائع، توقفت الآن على حافة الانهيار، والسائقون ينتظرون أيامًا وربما أسابيع قبل أن تعود الأمور إلى نصابها. لكن مع كل يوم يمر، يزداد الوضع سوءًا، حيث لا توجد أي بوادر لتحسن قريب أو تدخل سريع من السلطات.

الواقع الذي تعيشه مناطق الجنوب الشرقي ليس مجرد أزمة عابرة، بل هو نتيجة سنوات طويلة من التهميش وضعف الاستثمار في البنية التحتية. فالطرق في تلك المناطق ليست مجرد وسيلة للتنقل، بل هي شرايين الحياة التي تربط القرى المعزولة بالأسواق، والمستشفيات، والمدارس. ومع كل انهيار طريق، تنقطع تلك الشرايين، وتزداد الحياة صعوبة وتعقيدًا.

لكن، وسط كل هذه المآسي، يبقى السكان في هذه المناطق صامدين، معتادين على مواجهة المصاعب التي تفرضها الطبيعة، من الفيضانات الموسمية إلى الانهيارات الترابية. ومع ذلك، فإن الصبر له حدود، والوقت يمر سريعًا بينما تتفاقم الأزمة. السؤال الذي يطرحه الجميع الآن: متى سيأتي الدعم الحقيقي لهذه المناطق المنسية؟ متى ستصبح الطرق الحديدية والرملية شيئًا من الماضي، ويُستبدل بالخرسانة المتينة التي تصمد أمام تحديات الزمن؟

ربما الإجابة على هذا السؤال لن تأتي قريبًا، ولكن ما هو مؤكد أن سكان الجنوب الشرقي للمغرب يستحقون اهتمامًا أكبر واستثمارات في بنية تحتية تليق بحياتهم وتطلعاتهم.