فضيحة “الماسترات” تهز المغرب… الحكم بالسجن على أحمد قيلش يثير جدلاً واسعاً.
الوطن24/ خاص
في قضية شغلت الرأي العام المغربي وأثارت نقاشاً محتدماً داخل الأوساط الأكاديمية، أصدرت المحكمة الابتدائية حكماً يقضي بإدانة أحمد قيلش، الملقب بـ“صاحب الماسترات”، بستة أشهر سجناً نافذاً وغرامة مالية قدرها عشرة آلاف درهم، على خلفية اتهامات تتعلق بالتزوير واستغلال النفوذ المزعوم في ملفات تخص التسجيل في برامج الماستر بعدد من الجامعات المغربية.
القضية، التي تفجّرت بعد تسريب تسجيلات وشهادات تتحدث عن وساطات مالية مشبوهة مقابل تسهيل ولوج بعض الطلبة إلى مسالك جامعية محددة، كشفت عن ممارسات تهدد مصداقية التعليم العالي بالمغرب، وأعادت إلى الواجهة النقاش حول النزاهة والشفافية داخل المؤسسات الجامعية.
وأفادت مصادر قضائية أن التحقيقات التي باشرتها النيابة العامة انتهت إلى ثبوت تورط قيلش في بعض الممارسات غير القانونية، ما دفع المحكمة إلى إصدار حكمها بالسجن والغرامة المالية. ورغم أن هيئة الدفاع التمست البراءة بدعوى غياب أدلة قاطعة، فإن المحكمة اعتبرت أن المعطيات المتوفرة كافية للإدانة.
ويتابع المغاربة هذه القضية عن كثب، باعتبارها تمسّ مصداقية واحدة من أهم المؤسسات الوطنية، وهي الجامعة المغربية. ويرى مراقبون أن هذا الحكم يحمل رسالة صارمة مفادها أن القضاء المغربي بات أكثر حزماً في مواجهة مظاهر الفساد الأكاديمي، وأن زمن التساهل مع مثل هذه الممارسات قد ولى.
وفي الوقت الذي رحّب فيه عدد من الفاعلين الحقوقيين بالحكم باعتباره خطوة في اتجاه تطهير التعليم العالي من الشبهات، حذر آخرون من أن الاقتصار على معاقبة الأشخاص دون معالجة الأسباب البنيوية للظاهرة لن يكون كافياً لتحقيق التغيير المطلوب.
تداعيات القضية على صورة المغرب التعليمية دولياً
تُعد هذه القضية اختباراً حقيقياً لصورة المغرب في الساحة الدولية، خاصة وأن البلاد تسعى في السنوات الأخيرة إلى تعزيز حضورها الأكاديمي عبر شراكات علمية مع جامعات أجنبية مرموقة. ويرى محللون أن تعاطي القضاء المغربي مع هذا الملف بحزم وشفافية يبعث برسالة إيجابية إلى المجتمع الدولي مفادها أن المغرب ماضٍ في إصلاح منظومته التعليمية ومحاربة الفساد أينما وجد.
وعندما يتعلق الأمر بالشهادات الجامعية ومآلات الحصول عليها، فإن القضية تتجاوز مجرد الاعتراف الأكاديمي إلى قضية وطنية تمس كفاءة مؤسسات الدولة. فالحاصلون على شهادات مزورة لا يمثلون فقط خرقاً للقانون، بل يشكلون خطراً على جودة الأداء داخل المؤسسات التي يتولون فيها المسؤولية. كيف يمكن لمن لا يمتلك الكفاءة الحقيقية أن يدير مرفقاً عمومياً أو يخطط لمشاريع وطنية؟ إن ذلك ينعكس سلباً على النتائج والمردودية، ويعمّق فقدان الثقة في الكفاءات الحقيقية.
ولعل ما حصل من تفشي هذه المظاهر الفاسدة في بعض أوساط الجامعة المغربية يقرع جرس إنذارٍ قوي، يدعو إلى إعلان حرب لا هوادة فيها لتطهير الجامعة من هذه الآفات، حتى تبقى الجامعات المغربية قلاعاً محصّنة ضد التمييع والفساد، ومناراتٍ للعلم والمعرفة، وحاضناتٍ للتفوق والتخريج الراقي الذي تستحقه الأجيال القادمة.
