ما بعد الجائحة

الوطن24/ بقلم: ياسمينة الواشيري

من المعروف أن انتشار فيروس كورونا خلف العديد من الأضرار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في العالم بأسره، فكورونا بعثرت كل المجالات وقلبت موازين البلدان على جميع الأصعدة فهذه الجاسحة غيرت مجرى الأمور وجعلت أفراد المجتمع يعيشون حالات من الذعر والهلع، بسبب انتشار هذا الفيروس فالكل أصبح يتساءل متى ستنتهي هذه الجائحة، ومتى سيمكننا القضاء على الفيروس نهائيا؟، لكن لا أحد يطرح سؤال ما الذي سيحدث بعد هذه الجائحة وكيف سيصبح العالم بعدها؟

كورونا ستجعلنا نستخلص عبرا ودروسا عن كيفية الاستعداد للأزمات والتهيء لها نفسيا واجتماعيا واقتصاديا وماديا، ستجعلنا حذرين أكثر من السابق فهذا الفيروس علمنا الصبر والتريث في كل أمور حياتنا، كورونا ستجعلنا نرتب أولوياتنا ونعرف قيمة الصحة والسلامة وندرك قيمة الحرية والعيش بدون ضوابط وقيود، كورونا ستعلمنا المعنى الحقيقي للأسرة والدفىء العائلي وأهمية الروابط الأسرية وتأثيرها على الأفراد، كورونا ستلقننا درسا عن الإنسانية وستجعلنا ندرك المعنى الحقيقي للموت في أبشع صوره.

مرت قرابة السنة والنصف على دخول هذا الفيروس حياتنا والعديد منا أصيب به وهناك من أخذه الموت منا، كل ذلك يجعلنا ندرك القيمة الحقيقية للحياة والتمتع بالصحة والعافية والعيش بهدوء وسلام داخلي، فهذا الفيروس قض مضجع العديد منا وجعلنا نعيش كابوسا مؤلما لا مثيل له، ناهيك عن مخلفات هذه الجائحة النفسية والاجتماعية والاقتصادية، والتي أربكت العالم بأسره فكيف لا وهذا الفيروس تسلل إلى بيوت العديد منا وأخذ منا أقاربنا وأصحابنا، هذه الجائحة ستجعلنا نعيش بخطوات تابثة لأننا سندرك قيمة راحة البال وعظمة الله سبحانه وتعالى، وكيف له أن يجعل العالم يقف وقفة واحدة  بفيروس لا يرى بالعين المجردة، فكيف للإنسان أن يطغى بمنصبه أو نفوذه والله قادر بجبروته أن يجعل كل ما يملك في خبر كان؟

كورونا ستذهب وستأخذ معها كل الصفات السلبية التي كانت تعيش بدواخلنا، ستمضي وستأخذ معها كل تفاصيلنا السيئة، ستخلصنا من العشوائية والعبث الذي كنا نعيش فيه غير آبهين بكل ما نتمتع به من نعم وأشياء إيجابية في حياتنا، ستأخذ معها تدمرنا ويأسنا وقنوطنا من رحمة الله سبحانه وتعالى والتي وسعت شيء، ستأخذ معها أحزاننا الظاهرة والباطنة ستجعلنا نعيش بنفس جديد وروح مقبلة على الحياة بكل إيجابياتها، ستجعلنا ندرك أن كل أزمة تعتبر فرصة لاكتشاف قدراتنا ومهاراتنا المعرفية وتنميتها، ستذهب وستتركنا نتمتع بقوة مضاعفة على ما كنا عليه في السابق، ستترك داخلنا ألما سيتحول إلى أمل، لنتطلع لغد مشرق يسوده الحب والطمأنينة والسكون لنتخلص من بقايا كورونا، التي ستظل راسخة في عقولنا  وتستحضر لحظاتها وتتمنى أن تذهب بلا رجعة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *