أمينة بوعياش: رصيد حقوقي متجدد في قيادة المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمغرب.

الوطن24/ الرباط
تجديد جلالة الملك محمد السادس تعيين أمينة بوعياش على رأس المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب ليس مجرد قرار إداري، بل هو تأكيد على الدور المحوري الذي تلعبه هذه الشخصية في المشهد الحقوقي المغربي. فمنذ سنوات، تشكل بوعياش إحدى الأصوات البارزة في الدفاع عن حقوق الإنسان، سواء على المستوى الوطني أو الدولي، وهو ما جعلها تحظى بثقة متجددة في قيادة هذه المؤسسة الاستراتيجية بالمغرب.
مسار حقوقي ودبلوماسي متداخل
تعد أمينة بوعياش نموذجًا فريدًا للمرأة المغربية التي استطاعت أن تجمع بين العمل الحقوقي المستقل والمسؤوليات الرسمية دون أن تفقد بوصلتها في الدفاع عن الحريات. فمنذ رئاستها للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان سنة 2006، وهي أول امرأة تتولى هذا المنصب، كانت منخرطة في ملفات كبرى تتعلق بالحريات الفردية والجماعية، كما ساهمت في تطوير آليات الحوار بين المجتمع المدني والدولة في المغرب.
لم يكن انخراطها محصورًا في السياق المغربي، بل تعدى ذلك إلى الساحة الإقليمية والدولية، حيث كانت عضوًا مؤسسًا للمؤسسة الأورو-متوسطية لمحاربة الاختفاءات القسرية، كما لعبت أدوارًا مهمة في المنظمات الحقوقية الدولية، مثل المنتدى الأورو-متوسطي لحقوق الإنسان، ومنظمة مجتمع الديمقراطيات، بالإضافة إلى عضويتها في اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور المغربي سنة 2011.
هذا الحضور الدولي جعلها مؤهلة لتولي مناصب دبلوماسية، حيث شغلت منصب سفيرة للمغرب في السويد وليتوانيا، وهو ما منحها خبرة في تدبير العلاقات الدولية، خاصة في القضايا ذات البعد الحقوقي، مما ساهم في تعزيز موقع المغرب داخل الهيئات الأممية والحقوقية.
بين حقوق الإنسان ومتطلبات المرحلة في المغرب
إعادة تعيين أمينة بوعياش على رأس المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب يأتي في سياق يشهد فيه المغرب تحديات متزايدة في ملف الحقوق والحريات، سواء تعلق الأمر بحرية التعبير، أو قضايا الهجرة، أو أوضاع السجون، أو الإصلاحات القانونية المرتبطة بالقانون الجنائي ومدونة الأسرة. ويبدو أن المرحلة القادمة ستتطلب مقاربة جديدة تستند إلى التوفيق بين المكتسبات الحقوقية واستحقاقات الأمن والاستقرار في المغرب.
إحدى أبرز المهام التي تنتظرها في ولايتها الجديدة هي تعزيز دور المجلس الوطني لحقوق الإنسان كمؤسسة فاعلة في الوساطة بين الدولة والمجتمع، وإعطاء دينامية أكبر لآليات الشكاوى والتظلمات، فضلاً عن مواكبة تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، خاصة في ما يتعلق بجبر الضرر الجماعي وتطوير منظومة العدالة الانتقالية في المغرب.
هل يشهد المغرب تحولًا حقوقيًا جديدًا؟
رغم الجهود التي بُذلت خلال السنوات الماضية، لا يزال المغرب يواجه انتقادات من بعض المنظمات الدولية، وهو ما يفرض على المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بقيادة بوعياش، دورًا أكثر فاعلية في توضيح مسار الإصلاحات الحقوقية في المغرب، وتعزيز التواصل مع الهيئات الأممية لشرح خصوصية التجربة المغربية في هذا المجال.
لكن يبقى السؤال الأهم: هل تستطيع أمينة بوعياش الدفع بالمغرب نحو تحول حقوقي جديد، أم أن التحديات السياسية والاقتصادية ستجعل سقف الطموحات محدودًا؟ الأكيد أن رصيدها الحقوقي والدبلوماسي يمنحها أوراق قوة، لكن نجاحها في هذا التحدي سيعتمد على مدى قدرتها على خلق توازن بين الالتزام بالمبادئ الحقوقية ومتطلبات المرحلة السياسية في المغرب.