إشكالية التصريح بالمداخيل الكرائية في المغرب: ضرورة إصلاح شامل ومنصة إلكترونية إلزامية

الوطن24/ شاشا بدر
في المغرب، هناك عدد كبير من المنازل والشقق المؤجرة بمبالغ تتراوح بين 1500 درهم و5000 درهم شهريًا، سواء في المدن الكبرى أو في الجهات المختلفة. لكن الإشكالية الكبرى تكمن في أن نسبة كبيرة من الملاك لا يصرحون بهذه المداخيل، بينما جزء آخر يلتزم بالقوانين ويدلي بتصاريح ضريبية منتظمة. هذه الظاهرة تؤدي إلى فقدان خزينة الدولة لمداخيل مهمة كان يمكن أن تساهم بشكل كبير في دعم الاقتصاد المغربي وتحقيق التنمية الوطنية.
لو تم احتساب مجموع هذه المداخيل غير المصرح بها على مستوى جميع المدن والجهات، لكانت الأرقام ضخمة، وربما تصل إلى مليارات الدراهم سنويًا. هذا المبلغ لو تمت إدارته بشكل صحيح، لأمكن تخصيصه لقطاعات حيوية مثل الصحة، والتعليم، والبنية التحتية، والدعم الاجتماعي. لكن في غياب التصريح الإجباري، تبقى هذه الأموال خارج دائرة الاقتصاد الرسمي، مما يخلق نوعًا من التهرب الضريبي الذي يضر بالاقتصاد الوطني.
لمواجهة هذه الإشكالية، أصبح من الضروري توفير منصة إلكترونية على موقع وزارة المالية، تلزم جميع الملاك بتسجيل عقود الكراء إلكترونيًا، مع تصريح إلزامي بثمن الإيجار الحقيقي. هذه المنصة يجب أن تكون سهلة الاستخدام، بحيث تتيح لكل مالك إدخال بيانات عقد الكراء، والمبلغ المتفق عليه، ومدة العقد، والضرائب المستحقة عليه. كما يجب أن تكون هناك إجراءات رقابية صارمة لضمان عدم التلاعب أو التحايل في التصريحات.
إلزامية التصريح لن تكون فقط في مصلحة الدولة، بل ستكون كذلك في مصلحة الملاك والمستأجرين. فمن جهة، سيتمكن الملاك من الحصول على حماية قانونية أفضل في حالة النزاعات، ومن جهة أخرى، سيستفيد المستأجرون من توثيق قانوني واضح يمنع أي استغلال أو تغيير في شروط العقد. كما أن هذا النظام سيساهم في ضبط أسعار الكراء بشكل عادل، ومنع المضاربة في سوق العقارات.
إذا تم تفعيل هذه المنصة وإجبار الجميع على التصريح بمداخيلهم الكرائية، فإن المغرب سيحقق طفرة اقتصادية مهمة، حيث سيتم استثمار المداخيل الضريبية في مشاريع تنموية، وسيتم تقليص الفجوة بين الاقتصاد الرسمي وغير الرسمي. لهذا، فإن نجاح هذا الإصلاح يعتمد على الإرادة السياسية، والالتزام الفعلي بتطبيق القوانين، وتوعية المواطنين بأهمية التصريح الضريبي كوسيلة للمساهمة في تنمية البلاد.