إصدار مغربي جديد يميط اللثام عن الفكر السياسي في القرن 19: “مفاتح الإرشاد” يظهر للنور من قلب الرباط.

في خطوة نوعية نحو إحياء التراث السياسي المغربي، أصدرت دار الإحياء للنشر والتوزيع عملاً تراثياً نفيساً بعنوان “مفاتح الإرشاد لأميرنا الأرشد إلى سبيل الرشاد”، لمؤلفه العالم المغربي محفوظ بن محمد الجزولي الجرسيفي، بتحقيق علمي أنجزته الباحثة سومية العسيلي، وبتقديم أكاديمي لكل من الدكتور مصطفى الغاشي والدكتور جمال عاطف.

وسيتاح هذا العمل الفريد أمام القرّاء والنخب الثقافية خلال فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب الذي تحتضنه مدينة الرباط في الفترة ما بين 18 و27 أبريل الجاري، حيث سيُعرض الكتاب في رواق دار الإحياء (D7).

الكتاب، الذي كُتب سنة 1865م في المغرب، يُعد من بين النصوص السلطانية النادرة التي تعكس عمق الفكر السياسي الإسلامي المحلي في القرن التاسع عشر، حيث وجّهه مؤلفه إلى السلطان المغربي المولى محمد بن عبد الرحمان، جامعاً فيه بين النصيحة والإرشاد، والتوجيه العملي المستند إلى أصول الشريعة وتجارب الحكم.

في سبعة وعشرين فصلاً، يعالج الجزولي قضايا دقيقة تخص الإمامة العظمى، الحكم، العلاقة بين السلطان والرعية، ووظيفة الدولة في ضوء مقاصد الشريعة. وقد استند في بنائه الفكري إلى مراجع إسلامية، يونانية، وفارسية، مطوعاً النصوص الدينية لتعزيز مكانة السلطان، والدعوة إلى عدالة الحكم وحسن التدبير، دون أن يغفل عن البعد الروحي والأخلاقي في القيادة.

يُعتبر “مفاتح الإرشاد” تجسيداً واضحاً للدور الذي لعبه العلماء المغاربة في صياغة رؤية إصلاحية لمؤسسة الحكم، ويكشف عن رؤية مغربية خاصة للسياسة الشرعية، متأثرة بتحولات الداخل ومخاطر الخارج، في زمن شهد تصاعد الضغوط الاستعمارية وتغيرات في بنية الدولة التقليدية.

يمثل هذا الإصدار قيمة مضافة للفكر السياسي المغربي، ويُتوقع أن يفتح آفاقاً بحثية جديدة حول تاريخ الدولة المغربية، وتطور فقه الحكم الإسلامي في السياق المحلي، خاصة في زمن تجدد فيه الاهتمام بالدراسات التراثية المقارنة وبفهم علاقة الدين بالسياسة في العالم الإسلامي.