إصلاح التعليم في المغرب: مسار مستمر نحو تحسين الجودة وتوسيع الفرص.

تسعى الحكومة المغربية، تحت قيادة السيد عزيز أخنوش، إلى تفعيل إصلاحات قطاع التعليم بشكل ملموس، تنفيذاً للتوجيهات الملكية السامية. الإصلاحات التي تتبناها الحكومة المغربية تتسم بالمسؤولية والتركيز على تحسين جودة التعليم وتوسيع فرصه لجميع الفئات الاجتماعية. في اجتماع للجنة الوطنية لتتبع ومواكبة إصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، تم تسليط الضوء على تقدم تنفيذ المخططات القطاعية لإصلاح هذا القطاع الحيوي. وهذا يأتي في إطار استراتيجية شاملة تهدف إلى بناء منظومة تعليمية قوية تستجيب لمتطلبات العصر وتلبي احتياجات سوق العمل.

أحد أبرز النقاط التي أكد عليها رئيس الحكومة المغربية هو تسريع إعداد وتنزيل الترسانة القانونية والتنظيمية الضرورية، وذلك من أجل ضمان الاستثمار الأمثل للموارد المالية التي وفرتها الحكومة. كانت هذه النقطة محورية في الاجتماع، حيث تم التأكيد على أن تنفيذ النصوص التشريعية المتعلقة بالقانون الإطار 51.17، الذي يخص منظومة التربية والتعليم في المغرب، يعد خطوة أساسية من أجل تحقيق الإصلاح المنشود. هذا القانون يعد إطاراً مرجعياً لجميع الإصلاحات التي تهدف إلى تحسين التعليم في المملكة المغربية، ويعتبر ركيزة أساسية للنهوض بقطاع التربية والتعليم.

من أبرز الإنجازات التي تم تحقيقها في مجال التعليم الأولي في المغرب، يمكن الإشارة إلى التقدم المحرز في تعميم التعليم المخصص للأطفال بين 4 و5 سنوات. حيث بلغت نسبة التعميم 83% في الموسم الدراسي 2024-2025، وهو ما يعد قفزة نوعية في مسار توفير التعليم للأطفال في سن مبكرة. هذه الخطوة تهدف إلى تعزيز الأسس التعليمية للأطفال في مرحلة مبكرة، بما يسهم في تحسين نتائج التعليم في المراحل التالية.

كما شهد قطاع التعليم الابتدائي في المغرب تطوراً ملحوظاً من خلال توسعة برنامج “مؤسسات الريادة”. ففي الموسم الدراسي الحالي، تم توسيع نطاق هذا البرنامج ليشمل 2626 مدرسة ابتدائية عمومية، بعد أن كان مقتصراً على 626 مدرسة في مرحلته التجريبية. هذا البرنامج يهدف إلى تحسين جودة التعليم في المؤسسات التعليمية، حيث يستفيد حوالي 1.3 مليون تلميذ من هذا التوجه، مما يعكس التزام الحكومة المغربية بتقديم تعليم ذي جودة لجميع الأطفال في المملكة.

فيما يخص التعليم العالي في المغرب، تم رصد مؤشرات إيجابية، حيث ارتفعت نسبة التمدرس ما بعد الباكالوريا للفئة العمرية ما بين 18 و22 سنة من 39.9% إلى 47.1%. كما شهد عدد مؤسسات التعليم العالي زيادة ملحوظة، حيث ارتفع من 411 مؤسسة في العام الدراسي 2019-2020 إلى 458 مؤسسة في الموسم الجامعي 2024-2025. هذا النمو في عدد المؤسسات يعكس زيادة فرص التعليم العالي أمام الشباب المغربي، ويعزز من قدرة البلاد على تكوين أجيال قادرة على مواجهة تحديات المستقبل.

في إطار تحسين التكوين المهني في المغرب، هناك خطوات واضحة لتحديث وتطوير بيداغوجيا التكوين المهني، بما يتماشى مع احتياجات سوق العمل. الهدف من هذه الإصلاحات هو إعداد شباب مؤهلين بمهارات تتناسب مع متطلبات الوظائف الحالية والمستقبلية. تعزيز المهارات العملية وتطوير عرض التكوين المهني يعد من الأسس التي ستساعد على توفير اليد العاملة المؤهلة، وبالتالي تقليل الفجوة بين التعليم واحتياجات سوق العمل.

وفي الختام يتضح أن الإصلاحات التعليمية التي تتبناها الحكومة المغربية تؤكد على أهمية قطاع التعليم في تعزيز التنمية البشرية في البلاد. ورغم التحديات العديدة التي يواجهها القطاع، إلا أن هناك مؤشرات إيجابية تبشر بتحقيق تقدم ملموس في السنوات القادمة. ومن خلال تسريع تنفيذ النصوص التشريعية، وتوسيع نطاق البرامج التعليمية مثل “مؤسسات الريادة”، وتحسين جودة التعليم العالي والتكوين المهني، يسعى المغرب إلى بناء منظومة تعليمية تواكب تطورات العصر وتلبي احتياجات المجتمع وسوق العمل، مما يساهم في تحقيق تنمية شاملة ومستدامة للمغرب.