ارتفاع أسعار الأدوية في المغرب: هل يستطيع لقجع مواجهة لوبيات الصحة والصيدلة؟

أثار تصريح فوزي لقجع، وزير الميزانية في الحكومة المغربية، جدلاً واسعاً عندما أكد أن أسعار الأدوية في المغرب تتجاوز الأسعار العالمية بأربع إلى خمس مرات. وأوضح الوزير أن الحكومة المغربية تفرض ضرائب جمركية على الأدوية المستوردة من الخارج بهدف حماية الإنتاج المحلي، وهو إجراء يعكس سعي الدولة إلى تقليل تكاليف الدواء للمواطنين من خلال تشجيع الإنتاج المحلي. ولكن المفارقة التي أشار إليها لقجع تكمن في أن الأدوية المنتجة محلياً تباع بأسعار أعلى من تلك التي يتم استيرادها من الخارج، ما يثير استياء المواطن المغربي الذي يجد نفسه في مواجهة أسعار مرتفعة تؤثر على قدرته الشرائية.

يأتي هذا التصريح في وقت حساس في المغرب، حيث يعاني المواطنون من ارتفاع تكاليف المعيشة، بما في ذلك الأدوية التي تعتبر من الضروريات اليومية للعديد من الأسر المغربية. وقد شدد الوزير على أن الهدف من فرض هذه الضرائب الجمركية هو دعم الشركات المحلية وزيادة القدرة التنافسية للمنتجات المغربية، وليس لصالح الشركات التي تبيع الأدوية بأسعار غير مبررة.

ولكن، يبقى السؤال الأكثر إلحاحاً: هل سيتمكن وزير الميزانية من مواجهة لوبيات الصحة والصيدلة وصناعة الدواء في المغرب؟ هذه القطاعات تمثل قوة اقتصادية كبيرة في البلاد، ولها تأثير مباشر على السياسات الصحية بفضل حجمها المالي والعلاقات التي تجمعها مع مختلف الأطراف في الحكومة والقطاع الخاص. وسبق أن أثار العديد من الخبراء مسألة تضارب المصالح في هذا القطاع، حيث يرى البعض أن الشركات المحلية تتجه إلى رفع أسعار الأدوية لتحقيق أرباح أكبر، بينما المواطن المغربي هو الذي يتحمل تكاليف هذه السياسة.

من الناحية القانونية، يمكن للحكومة المغربية أن تتدخل بشكل أقوى لتنظيم سوق الأدوية، مثل تشديد الرقابة على الأسعار وتحديد سقوف للربح بما يتناسب مع تكاليف الإنتاج. ولكن هذا يتطلب وجود إرادة سياسية قوية وتعاون بين الجهات الحكومية المختلفة، بالإضافة إلى إشراك القطاع الخاص في الحوار حول كيفية تحقيق توازن بين حماية الإنتاج المحلي وضمان توفير أدوية بأسعار معقولة للمواطن.

في حال تمكن لقجع من إيجاد حل لهذه المشكلة في المغرب، سيكون قد حقق إنجازاً كبيراً في مجال حماية حقوق المواطنين وضبط الأسعار. ومع ذلك، فإن المواجهة مع لوبيات الصحة والصيدلة قد لا تكون سهلة، وقد تواجه الحكومة تحديات كبيرة في هذا السياق، خصوصاً إذا ما استمرت الشركات المحلية في الضغط للحفاظ على أرباحها المرتفعة.

يبقى أن نرى ما إذا كانت الحكومة المغربية ستتمكن من اتخاذ خطوات حاسمة لمعالجة هذه القضية وتحقيق العدالة في سوق الأدوية، لضمان أن تبقى صحة المواطنين أولاً وأخيراً في صلب اهتمامات السياسات الصحية في المغرب.