الأستاذ خالد شخمان في حوار خاص في وقت فيروس “كورونا”
الوطن24/ حاوره: عبد الهادي العسلة (مدريد)
كعادتها تواكب الوطن 24 ما يقع في العالم جراء تفشي “جائحة” كورونا وتداعيات ذلك على المغرب، لتنقل لكم كيف أضحت صور وروائح الموت هي الغالبة على الإعلام الدولي وكيف أغلقت الحدود والتزم الناس طوعا وكرها بيوتهم على امتداد المعمور، حيث يبدو أن هذا المرض قد أفقد بعض الدول السيطرة على أوضاعها الصحية والإقتصادية..
ومن مدينة سوق أربعاء الغرب محضن سيدي عيسى بن الحسن المصباحي ” دفين دعداعة بأرض البروزي” كما جاء في مؤلف الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، تفتح الوطن 24 قلبها وصفحات موقعها لثلة من مثقفي المدينة ومبدعيها: تتفاعل معهم وتستقصي انشغالاتهم وآمالهم ونصائحهم في عز أزمة العالم هذه. وما المانع وأبناء هذه المدينة الصغيرة الجميلة الهادئة الواقعة في قلب المغرب النابض الذي يصل شماله بجنوبه وشرقه بوسطه، ينشدون – بفكرهم واقتراحاتهم وآمالهم – مد بلدهم والعالم أجمع بسبل مجاوزة هذا البلاء/ الابتلاء، ويحاولون ما استطاعوا لذلك سبيلا إعادة صياغة المفاهيم والأحاسيس التي تجعل من الانسانية جمعاء وحدة منسجمة في مواجهتها لشتى الأسقام والأحزان..
وفي هذا الصدد نستضيف الأستاذ خالد شخمان، من مواليد 1978 بسوق أربعاء الغرب، تلقى تعليمه الإبتدائي بمدرسة السعديين بالحي الجديد، والإعدادي بالإعدادية الجديدة والثانوي بثانوية سيدي عيسى تخصص آداب عصرية، حاصل على إجازتين في الشريعة والقانون من فاس، والدراسات الفرنسية من القنيطرة، وعلى ماستر تخصص نظرية سياسية وعلاقات دولية، باحث في سلك الدكتوراة في القانون العام والعلوم السياسية..
ضيف الحلقة الثالثة من سلسلة حوارات الوطن24.
[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]
* السلام بخير سي خالد شخمان…
– الحمد لله والشكر لله الذي له المنة من قبل ومن بعد، في البداية أشكركم السي عبد الهادي ومن خلالكم كل العاملين والمتعاونين مع جريدتكم الموقرة التي لم تأل جهدا في الإهتمام بمآلات هذه الأزمة والبحث في/ عن سبل تجاوزها بأقل الخسائر الممكنة… ومن غير شك أنه يتوجب علينا رفع أكف الضراعة والإنكسار للعلي القدير أن يحفظكم وسائر الأحبة في المغرب الحبيب والناس أجمعين في كل شبر من هذا الكون الفسيح من براثن هذا المرض اللعين ومن كل سوء أو مكروه. فشكرا لكم مرة أخرى.
[/box]
[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]
*كيف تتعامل مع الأزمة؟
– لا أخفيكم أنني مثل الكثيرين كنت لا أعير كبير اهتمام لأمر هذا المرض وكنت أعتبره شبيها بالانفلونزا العادية التي تحصد سنويا ما يناهز 560.000 عبر العالم، لكن بعدما أكدت الدولة جدية الأمر واتخذت إجراءاتها الاحترازية ودعواتها بلزوم البيوت والإحتياط اللازم، استوعبت الأمر والتزمت بالحجر الصحي وبمختلف الإرشادات المنصوح بها .. غير أنني مازلت أرفض هذا الترويع والتخويف “الممنهج” على المستوى العالمي والذي تلقفه البعض من عديمي الضمير ليتاجروا به في بلدنا من أجل ربح ضيق. حيث يتنافسون في جعل المشهد سوداوي وكأننا أمام يوم القيامة يقتضي البحث عن الخلاص الفردي في المأكل والمشرب وكل أشكال الظفر بالنجاة، وهو بدون أدنى شك سبب رئيسي من أسباب تصارع الناس على أبواب مراكز التسوق عبر العالم بأسره. وما ذلك إلا لأنني أعتبر إلتزام الناس وانضباطهم له علاقة بوعيهم أكثر من ارتباطه بالخوف في حد ذاته، فالطفل/ التلميذ مثلا يعطي بالحوار والإقناع والتحفيز أكثر من عطائه الناتج عن تخويفه وتعنيفه.. لهذا يتوجب أن نُفهم الناس جدية الأمر دونما نشر للهلع الذي أعتقد أنه كان السبب الأساسي في ذلك التسابق المَرضي نحو تأمين الغذاء والدواء ومواد التطهير على امتداد العالم.
[/box]
[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]
* شنو الأشياء الزوينة لي استفدتي من الحجر الوقائي الصحي ؟
– بداية يجب أن يتعلم الناس من فكرة الحجر الصحي وسائل الحفاظ على الناس في حالة الإصابة بأي مرض معد -كورونا أو غيره من الأمراض- وأن ينعزلوا عن الناس وأن يلتزموا بإرشادات النظافة، لأن الأصل هو عدم المساهمة في نشر العدوى.
أما عن الأشياء التي استفدتها من هذا الجلوس في المنزل فهي –بدون شك- العودة لله والمصالحة مع كتابه واستزادة التأمل في ملكوته وفي آياته وفي مدى احتياج الإنسان لخالقه، فقد صار هذا الكون -على فساحته وتراميه- ضيقا صغيرا بدون رجاء الله ورحمته وعفوه. وبهذا فقد أنبأنا هذا الحجر عن تأزم حياة المادة وعدم جدواها بعيدا عن دفئ الأسرة والتواصل مع الأبناء والتمتع برضا الوالدين وبرهما. ثم إن هذه الأزمة تعلم الناس الاقتصاد في المآكل والمشارب والملابس، والتفكير في الآخر الذي يعيش القتر والفاقة في سائر أيامه. هذا دون نسيان الفرصة المواتية للنهل من دفئ الكتب والمسافرة المبحرة بين سطورها ومعانيها ..
[/box]
[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]
* شنو النصيحة لي ممكن تقدم للناس فهاد الوقت ؟
– النصيحة التي أقدمها لنفسي أولا ثم للناس هو عدم محاولة خلق التناقض بين الدين وبين العلم، فبقدر ما أكدت هذه الأزمة على ضعفنا المادي وإستسلام المسلمين (العرب على وجه الخصوص) السلبي في التفاعل العلمي مع الوباء ومحاولة اجتراح بعض الإجابات المادية عليه، دون الاتكال على ما قد تقدمه الدول العظمى ومراكز أبحاثها من علاجات؛ بقدر ما أحالت هذه الأزمة على الإمكانيات المعنوية التي نحوزها والتي ستمكنا من غير شك -إن تشبتنا بها – من النهوض الحضاري.. فالدين حين يخبرنا بوجود إله واحد من وراء هذا الكون قد جعل من الاستقرار والثبات سمة قوانينه وسننه.. فإنه يسهل على الناس أمر تسخيرها لصالح حياتهم: صلاحا ماديا وصلاحا قيميا على السواء.. فالعودة إلى الله يجب أن تكون من هذا المنطلق لا من منطلق التوكل والتقاعس المفضي بالناس إلى الإستسلام والسلبية في الحياة..
[/box]
[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]
* كلمة مفتوحة بغيتي تقولها بهاد المناسبة؟
– لابد من التفاؤل والتوقف عن بث الذعر بين الناس من أجل أغراض لا يعلمها إلا الله والراسخون في العلم، ومن تم إستغلال هذه الفرصة التي فاض فيها التعاون بين الناس بعضهم مع بعض وبينهم وبين دولتهم ومؤسساتها، من أجل الانطلاق نحو تعاقد اجتماعي جديد أولويته التعاون بين كل مكونات الدولة وقواها الحية، وهنا لابد من التنويه بالجهود المبذولة من طرف السلطات المغربية بكل فروعها وتوجهاتها التي كانت مبادرة لاتخاذ خطوات جريئة من أجل تجنب الأسوأ والحفاظ على الأرواح والممتلكات، ومنها السلطات الأمنية والمؤسسات والأطقم الصحية على مجهوداتها وعلى مكابدتها عناء تقدم الصفوف الأمامية مع المواطنين والمصابين، دون نسيان المجهودات الجبارة التي انخرطت فيها الأسرة التعليمية لإستمرار التعليم وعدم توقيفه..
غير أنني سأغتنم فرصة التعبير من داخل جريدتكم الموقرة لأنبه لأمرين إثنين: الأول يتعلق بدولة الحق والقانون والذي يجب على الكل الاستنفار من أجل إنجاح حالة الطوارئ الصحية بما تقتضيه حساسية المرحلة ودقتها من جهة وبما يضمن كرامة الناس وحقوقهم من أي جنوح نحو التسلط والشطط في إستعمال السلطة من جهة أخرى. وأما الأمر الثاني فهو عبارة عن مطلب للناس بعدم تصوير ذوي الحاجات حفظا لكرامتهم مع بذل المزيد من الجهد الذي يمكننا من إحياء صيغ التكافل والتآزر المتجدرة المنغرسة في عمق الوعي والسلوك الجمعيين المغربي وذلك بالتنسيق مع السلطات المحلية التي لها من العلم والمعرفة والوسائل ما يجعلها تحصي الناس وتعرف احتياجاتهم بالطريقة التي تضمن سلامة الأبدان وحفظ الأركان.
[/box]
[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]
*هل سيتجاوز المغرب هذه الأزمة؟
– بكل تأكيد سيتجاوزها المغرب في القريب العاجل، حيث لا يمكن للوضع أن يستمر وأتوقع أن تنطفئ هذه الجمرة في حدود منتصف أبريل بحول الله وقوته، إذا ما التزم الناس بنصائح السلطات المختصة وانعزلوا ما استطاعوا لذلك سبيلا.. وستعود – بفضل الله ومنته وعلمه وحكمته – للحياة توهجها وحرارتها ، وللعلاقات الإجتماعية الحميمية والصفاء.
[/box]
[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]
*ما هو أول فعل ستقوم به بعد إنجلاء هذه الأزمة:
– سأتوجه مباشرة للمسجد الذي لابد أن تعود له وظائفه في التعليم والتفقيه، حتى تَحمل المساجد المترامية الأطراف في الجبال والمداشر والسهول والتلال وفي الصحاري والثلوج.. عن الدولة بعضا من الأعباء في التدريس والتثقيف، وذلك بتحرير المقدرة المعنوية التي تمتلكها المساجد في التأطير والتوعية.
كما سأتوجه نحو والداي أقبل رأسيهما ويديهما.. فبكل تأكيد أنه لا أحد منا سيكون مثلما كان قبل هذا البلاء..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وحفظكم والناس أجمعين من كل سوء أو مكروه ما ظهر منه وما بطن
[/box]