الأمطار الغزيرة وانجراف التربة يهددان أحياء سكنية في طنجة بالمغرب.. ومسؤولوا التعمير في قفص الاتهام.

عندما تهطل الأمطار الغزيرة في مدينة طنجة بالمغرب، تتحول قضية انجراف التربة في أحياء مثل الرهراه والغندوري وكزناية إلى مصدر قلق كبير للسكان والمسؤولين على حدٍ سواء. وتُعد طنجة من المدن المغربية التي تواجه تحديات بيئية نتيجة لموقعها الجغرافي والمناخي، حيث إن الأمطار الشديدة والمتواصلة قد تؤدي إلى تآكل التربة، خاصة في المناطق المرتفعة التي شُيّدت عليها عمارات وتجزئات سكنية شاهقة فوق أراضٍ هشة، سبق لمنعشين عقاريين أن ردموها بالأتربة دون مراعاة للمعايير الجيولوجية.

وتفاقمت هذه الظاهرة بسبب التوسع العمراني غير المنظم وغياب البنية التحتية الكافية لتصريف مياه الأمطار، ما قد يؤدي إلى انهيارات أرضية مدمرة، كما حدث سابقًا في مجمع “الإخلاص” التابع لشركة الضحى بالقرب من مرجان طريق امغوغة، وهو أول حي سكني يتم تهجير سكانه وإغلاقه نهائيًا تمهيدًا لهدمه.

وتعيش أحياء الرهراه، الغندوري، كزناية، مسترخوش، بوبانة والقواسم بمدينة طنجة على وقع تهديد حقيقي يطال عددًا من العمارات السكنية، حيث امتدت ظاهرة انجراف التربة على مساحة واسعة، مما جعل أساسات بعض المباني عرضة للخطر. وقد فاقمت الأمطار الغزيرة التي شهدتها المدينة في الأيام الأخيرة من خطورة الوضع، حيث تسببت في تعرية التربة وظهور تشققات وحفر عميقة تهدد استقرار المنطقة بأكملها.

ورغم التحذيرات السابقة التي نُشرت حول بداية هذه الظاهرة، فإن ارتفاع معدل التساقطات المطرية ساهم في تسريع وتيرتها، ما جعل السكان يعيشون في قلق دائم خشية وقوع كارثة. ويخشى متابعون أن استمرار هطول الأمطار دون تدخل عاجل قد يؤدي إلى انهيارات مفاجئة ذات عواقب وخيمة.

وأكد عدد من السكان المتضررين أن انجراف التربة بدأ منذ يناير الماضي، لكنه تفاقم مع الأمطار الأخيرة، ما زاد من المخاوف حول استقرار المباني. وأوضحوا أنهم تقدموا بشكايات متكررة إلى الجهات المسؤولة، مطالبين بتدخل فوري لحماية ممتلكاتهم وأرواحهم.

والأخطر في الأمر هو كيفية منح التراخيص لبناء هذه العمارات في مناطق تعاني أصلًا من هشاشة التربة، دون إجراء دراسات جيولوجية دقيقة. وقد زادت هذه المخاوف بعد حادث انهيار بناية قيد الإنشاء في المنطقة قبل أشهر، مما أدى إلى وفاة حارس البناء تحت الأنقاض، وهو ما يبرز غياب الرقابة ويطرح تساؤلات حول معايير التعمير في المغرب.

ومع استمرار تفاقم الوضع، ينتظر السكان قرارات حاسمة من السلطات المغربية لمعالجة المخاطر المحدقة بهم. وبينما لا تزال المخاوف قائمة، يتساءل كثيرون عن مدى جاهزية الجهات المعنية للتعامل مع مثل هذه الأزمات قبل وقوع كارثة قد يكون ثمنها باهظًا، في ظل استمرار سوء الأحوال الجوية وزيادة احتمالات الانهيارات الأرضية.

إيجاد حلول مبتكرة لهذه المشكلة لا يحمي البيئة فحسب، بل يساهم أيضًا في الحفاظ على الأرواح والممتلكات. لذا، فإن توسيع نطاق الجهود الحكومية في هذا الإطار أصبح ضرورة ملحة لتحقيق تنمية مستدامة وضمان سلامة المجتمع المحلي في طنجة. ويُطالب السكان السلطات المغربية بتدخلات عاجلة، مثل بناء جدران استنادية، وتحسين شبكات تصريف المياه، والتشجير لتعزيز استقرار التربة، تفاديًا لكوارث مستقبلية قد تهدد المدينة وسكانها.