الدكتور الكنبوري يكتب: قضية وسؤالان
الوطن 24/ بقلم: د.إدريس الكنبوري
هناك ظاهرة خطيرة جدا بتنا نعيشها في الفترات الأخيرة، تستحق العناية والتحليل النفسي والاجتماعي. إنها كراهية الذات.
طبعا هذه الظاهرة ليست جديدة. هناك مثقفون عرب ظهروا منذ الستينات يمجدون الغرب وأوروبا، لكن لذتهم الوحيدة هي الحط من قيمة حضارة العرب والمسلمين، وبطريقة مازوخية شاذة وكأنهم ينتقمون من أنفسهم أو من آبائهم بسبب غمطهم حقهم في الميراث. والأسماء كثيرة، ويكفي مثلا الاستدلال بمحمد أركون الذي أنكر كل فضل للإسلام والعرب، ورفع الغرب فوقهم درجات، ولم ينصف المسلمين إلا لماما، ومتى؟ عندما يريد انتقاد الأوروبيين، كأن المسألة فعلا نفسية فيها الفعل ورد الفعل.
ولكن مع مواقع التواصل الاجتماعي صرنا نرى الشذوذ النفسي والعقلي بوضوح. ما إن تأتي بحسنة للمسلمين إلا جاؤوا بمثلها سيئة أو أسوأ منها. وهذا أمر خطير جدا بل في غاية الخطر. بل إنني وصلتني صورة من صديق لشخص أهبل يتهمني بالإرهاب والتطرف، ولم؟ لأنني قلت مرة إن ابن تيمية سبق كانط في مفاهيم معينة. ابن تيمية يسبق كانط؟ خذوه !!.
وهذه الكراهية للذات بشكل فظيع، فيها الشماتة في النفس، والاحتقار للذات، وسوء التربية للأولاد، والانفصال عن الحياة، لهي كراهية غريبة يستحق أصحابها العلاج. إنها عبادة الآخر، وهل هناك من ذل وانحطاط وسوء الخلق أكبر من هذا؟.
وأنا عندي كانط فيلسوف كبير يتعلم منه الإنسان، رجل فيه خير وفيه شر، فيه كفر وفيه فطرة إنسانية نبيلة، ولكن ابن تيمية العالم الرباني، وابن خلدون المسلم الباني، وابن رشد المؤمن المتفاني، فكيف يسمح لي عقلي أن أضع نصرانيا منشقا هو كانط فوق مسلم هو ابن تيمية؟.
وانظر إن شئت إلى الذين دافعوا على ماكرون وبرروا كلامه البذيء عن الإسلام، من العرب والمسلمين، لتعرف أن الأمر جد ليس بالهزل.
وهذا هو صلب المشكلة، ومن هذا الصنف عبر التاريخ كله خرج الخونة، والمتعاونون، وسارقو الوثائق الوطنية، ومزيفو العملات.