الذهب والمنافع العينية: وسيلة جديدة للرشوة تهدد الحكامة الجيدة في المغرب.

الوطن24/ عبد الهادي العسلة
أصبح الفساد في المؤسسات الإدارية في المغرب يتخذ أشكالًا معقدة، مما يزيد من صعوبة التصدي له. فقد ظهرت أساليب جديدة لتحصيل الرشاوى، لا تقتصر على المال فقط، بل تمتد لتشمل الذهب والمنافع العينية، وهي وسائل تُستخدم للتحايل على القانون والخروج من حالة التلبس. هذا التحول أثار مخاوف كبيرة، لا سيما مع تصاعد الوعي العام بأهمية التبليغ عن الفساد من خلال الرقم الأخضر.
بينما يواصل المواطنون التبليغ عن حالات الرشوة، لجأ بعض المبتزين إلى طلب هدايا فاخرة أو ذهب بدلاً من المال، لتجنب الإثبات القانوني. هذا الأسلوب الجديد يُصعِّب ضبط المتورطين، ويُهدد الجهود المبذولة لتعزيز الشفافية في المغرب.
إضافة إلى ذلك، أُثيرت تساؤلات حول دور مكاتب الدراسات التي يُعتقد أنها تعمل كوسيط بين المبتزين داخل الإدارات والمواطنين، باقتطاع نسب تصل إلى 10% لصالح هؤلاء المبتزين. هذه الممارسات تعمق أزمة الثقة بين المواطنين والإدارة وتؤثر على صورة المؤسسات العامة.
وفي إطار تعزيز الحكامة الجيدة، تم إصدار القانون رقم 54.19، الذي يُعد بمثابة ميثاق وطني للمرافق العمومية. يُحدد هذا القانون مبادئ وقواعد الحكامة الجيدة التي يجب أن تلتزم بها المرافق العمومية في التنظيم والتسيير وعلاقاتها بالمرتفقين. كما يدعو إلى تفعيل الميثاق 33 الذي يُلزم المسؤولين بالتحلي بروح المسؤولية والمبادرة، الانضباط في العمل، احترام القانون والأنظمة الداخلية، وضمان استمرارية الخدمات العمومية.
الميثاق يُحظر صراحة طلب أو قبول أو تلقي هدايا أو امتيازات، بشكل مباشر أو غير مباشر، كمقابل لأداء الواجبات المهنية أو الامتناع عنها. كما يشدد على منع استغلال السلطة أو النفوذ لتحقيق مصالح شخصية، مع التأكيد على الحياد والموضوعية في جميع المعاملات الإدارية.
محاربة الفساد في المغرب تتطلب ليس فقط تشريعات صارمة، ولكن أيضًا تفعيلًا فعالًا لها، ورقابة دقيقة على الأداء الإداري. تحقيق هذا الهدف يستلزم تعاون الجميع، مواطنين ومسؤولين، لبناء ثقافة مؤسساتية قائمة على النزاهة والشفافية، وضمان تقديم خدمات عمومية تحترم حقوق المرتفقين وتحقق المصلحة العامة.