العدالة الغابوية والمائية والفلاحية في المغرب.. أساس التنمية المستدامة

الوطن24/ شاشا بدر
المغرب بلد يمتلك موارد طبيعية متنوعة، من غابات شاسعة وسهول خصبة إلى مصادر مائية تتوزع بين الأنهار والسدود والمياه الجوفية. هذه الموارد تشكل العمود الفقري للتنمية المستدامة، لكن تحقيق التوازن في توزيعها واستغلالها هو التحدي الحقيقي. العدالة الغابوية والمائية والفلاحية ليست مجرد شعارات، بل هي أساس لضمان الاستقرار البيئي والاجتماعي والاقتصادي، فبدونها لا يمكن تحقيق تنمية حقيقية يستفيد منها الجميع.
العدالة الغابوية.. حماية الثروة الخضراء من الاستنزاف
الغابات في المغرب ليست فقط غطاءً نباتيًا، بل هي مصدر للخشب، وتساهم في توازن المناخ، وتمنع التصحر، وتحمي التنوع البيولوجي. لكن التعدي على الغابات عن طريق القطع العشوائي والرعي الجائر وحرائق الغابات يجعل العدالة الغابوية أمرًا ضروريًا. يجب أن يستفيد السكان القريبون من الغابات من هذه الموارد بطريقة تحافظ عليها، عبر مشاريع تشجير مستدامة وبرامج استغلال منظم للخشب، دون إضرار بالنظام البيئي. كما أن فرض رقابة صارمة على استغلال الغابات وإنشاء محميات طبيعية لحماية الأصناف المهددة بالانقراض من شأنه أن يعزز العدالة البيئية.
العدالة المائية.. توزيع متوازن لمورد حيوي
الماء هو الحياة، لكن توزيعه في المغرب لا يزال غير متكافئ. فالمناطق الشمالية والساحلية تتوفر على كميات وافرة من المياه مقارنة بالمناطق الداخلية والصحراوية التي تعاني من ندرة حادة. لتحقيق العدالة المائية، يجب تعزيز مشاريع نقل المياه بين الأحواض، وتوسيع محطات تحلية مياه البحر، واستغلال المياه العادمة المعالجة في الفلاحة والصناعة. كما أن التقليل من هدر المياه، سواء في المدن أو في القطاع الفلاحي، يعد خطوة أساسية، حيث لا يمكن أن تستمر بعض الزراعات التي تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه بينما مناطق أخرى تعاني من العطش.
العدالة الفلاحية.. فلاحة متوازنة تخدم الجميع
الفلاحة في المغرب تلعب دورًا رئيسيًا في الاقتصاد، لكنها تعرف تفاوتًا كبيرًا بين الفلاحين الكبار الذين يملكون مساحات واسعة ويستفيدون من الدعم، والفلاحين الصغار الذين يعانون من ضعف الإمكانيات وصعوبة الوصول إلى الأسواق. العدالة الفلاحية تعني تمكين جميع الفلاحين من الاستفادة من الدعم والتقنيات الحديثة، وضمان وصولهم إلى المياه والأسمدة بأسعار مناسبة، مع تشجيع الزراعات المستدامة التي تحافظ على الموارد الطبيعية. كما أن الاستثمار في الفلاحة التضامنية، وإنشاء تعاونيات تدعم صغار الفلاحين، يمكن أن يحقق تنمية فلاحية متوازنة تعود بالنفع على الجميع.
نحو تنمية مستدامة عادلة
تحقيق العدالة الغابوية والمائية والفلاحية ليس خيارًا، بل ضرورة لضمان مستقبل مستدام للمغرب. يجب أن تكون هناك رؤية متكاملة تعتمد على الاستغلال الرشيد للموارد، مع إشراك السكان المحليين في هذه العملية، وتطبيق سياسات واضحة تضمن توزيعًا عادلًا لهذه الثروات. عندما تتحقق هذه العدالة، سيصبح المغرب نموذجًا في التنمية المستدامة، وسينعم الجميع بثرواته الطبيعية بشكل متوازن وعادل.