العلاقات المغربية العراقية: تعاون تاريخي وآفاق جديدة من التفعيل

الوطن24/ الرباط
في خطوة تعكس عمق العلاقات التاريخية بين المغرب والعراق، أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أن العلاقات بين البلدين “متميزة وقوية جدًا”. جاء هذا التصريح خلال مباحثاته مع مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، الذي زار الرباط يوم الاثنين، في زيارة تهدف إلى تعزيز التعاون الثنائي في عدة مجالات سياسية واقتصادية.
مباحثات تفتح آفاقًا جديدة
تصريح بوريطة يعكس تميز العلاقات بين البلدين، التي تمتد جذورها إلى خمسينيات القرن الماضي، حيث كان العراق من أولى الدول العربية التي اعترفت باستقلال المغرب في عام 1956. وقد تجسدت هذه العلاقات التاريخية أيضًا في مرحلة أخرى من التاريخ الحديث، خلال المسيرة الخضراء في عام 1975، عندما كان العلم العراقي إلى جانب العلم المغربي في هذا الحدث التاريخي الذي شكل علامة فارقة في استكمال وحدة التراب المغربي.
خلال المباحثات، عبر بوريطة عن تقدير المغرب الكبير للإنجازات التي حققها العراق في السنوات الأخيرة على صعيد الأمن والاستقرار والتنمية. وقال: “العراق حقق مكاسب كبيرة في استعادة أمنه واستقراره وبسط سيادته على جميع أراضيه، والحفاظ على وحدة شعبه، وكل هذا بفضل القيادة العراقية الحكيمة والشعب العراقي الصامد”.
التعاون الثنائي: إمكانيات غير مستغلة بعد
في إطار هذه الزيارة، أشار وزير الخارجية المغربي إلى أن هناك العديد من الآليات التي تحكم العلاقات الثنائية بين البلدين، من أبرزها الحوار السياسي واللجنة المشتركة، التي يجري العمل على تفعيلها في المستقبل القريب. ولفت إلى أن هذه الآليات ستساهم في تطوير التعاون بين البلدين، خاصة في المجالات التجارية والاستثمارية والسياحية، التي لا تزال إمكانياتها غير مستغلة بالشكل الكافي، رغم توفر الكثير من الفرص في هذه المجالات.
قضايا إقليمية على طاولة النقاش
لم تقتصر المباحثات على العلاقات الثنائية فقط، بل تناولت أيضًا عددًا من القضايا الإقليمية التي تشهد تطورات متسارعة. في هذا السياق، تم التطرق إلى الوضع في سوريا وفلسطين ولبنان، حيث أشار بوريطة إلى تطابق وجهات النظر بين المغرب والعراق حول هذه القضايا الحساسة.
“العراق والمغرب يتشاركان في الرؤية حول الكثير من القضايا الإقليمية. ونحن نعمل معًا من أجل تعزيز الاستقرار في المنطقة ومواكبة التطورات بما يخدم مصالح شعوبنا”، قال بوريطة.
القمة العربية: مناسبة لتوحيد الصف العربي
من جانب آخر، عبر وزير الخارجية المغربي عن دعم المغرب الكامل للعراق في استعداده لاستضافة القمة العربية المقبلة. هذه القمة، التي ستعقد في بغداد، ستكون مناسبة لمناقشة التحديات التي يواجهها العالم العربي في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه، حسبما أكد بوريطة.
وأشار بوريطة إلى أن القمة ستشكل فرصة لتعميق الحوار بين الدول العربية وتفعيل آليات التعاون المشترك، مع التركيز على قضايا الأمن والتنمية في المنطقة. وأضاف: “نحن نثق في قدرة العراق على تنظيم قمة ناجحة، سواء من حيث التنظيم أو المخرجات، خاصة في ظل التحولات الكبيرة التي يشهدها العالم العربي”.
خلاصة
تعكس هذه الزيارة، التي جمعت بوريطة بالأعرجي، رغبة المغرب والعراق في تعزيز علاقاتهما الثنائية وتفعيل التعاون في مجالات متعددة. ومن الواضح أن كلا البلدين يراهنان على هذه الشراكة لمواجهة التحديات الإقليمية وتحقيق تقدم ملموس على الأصعدة الاقتصادية والسياسية. في ظل هذه الديناميكية الجديدة، يبدو أن المستقبل يحمل فرصًا واعدة لتعميق العلاقات بين الرباط وبغداد، بما يعزز مصالح البلدين في مختلف المجالات.