المثقف الغربي … الرجل المريض؟

الوطن24/ بقلم: الدكتور إدريس الكنبوري

خلف قناع المثقف الغربي غالبا ما يكمن وحش أو شخص مريض، وإن كان ذلك ليس حالة عامة، لكنها حالة تكاد تقريبا تشمل غالبية الكتاب والمفكرين البارزين، فكأن شهرتهم في جزء منها وراءها لوبيات قوية، وأقوى اللوبيات في العصر الحديث لوبي الشذوذ. ويعرف عن فولتير أنه كان يحتقر النخبة، وكان يقول إن هناك نوعين من الأخلاق، أخلاق النخبة وهي سيئة، وأخلاق العامة وهي جيدة، لذلك كان يقول إن الدين هو أخلاق الفقراء والعامة. ولعل هذا ما كان يقصده الماركسيون بطريقة ضمنية، غير واعية، عندما كانوا يقولون إن البورجوازية تسيطر على الطبقة الكادحة بالدين، بما يعني أن البورجوازية لا دين لها (في الغرب) وأن الذين يتمسكون بالقيم الدينية ويحافظون عليها هم الطبقة الكادحة.
إدوارد سعيد في كتابه عن “الاستشراق” فضح الكثير من المثقفين الغربيين واتهمهم بالازدواجية، وأعطى مثالا بستيوارت ميل صاحب كتاب”عن الحرية” الشهير، حيث قال إن جميع الأمم لديها انجذاب إلى الحرية ما عدا الهنود، وماركس الذي أيد الاستعمار البريطاني والفرنسي، وغيرهم كثير.
أحد هؤلاء المفكرين هو ميشيل فوكو، وهو غني عن التعريف. فوكو يكاد يكون المفكر الوحيد الذي طبق ما كان ينظر له في مؤلفاته. لقد تخصص في الجنس وكتب فيه كتابا من جزئين هو اليوم مرجع أساسي هو”تاريخ الجنسانية”. وقد دعا إلى التحرر الجنسي ومارسه، حيث كان شاذا، وكان بيدوفيليا يستغل الأطفال التونسيين خلال إقامته في تونس، وكان يقول إنه يمارس مع أولئك الأطفال من أجل تلبية رغباتهم، وعندما تمت إدانة بعض أصدقائه ندد بذلك وقال إن ما فعلوه كان برضا الطرفين. وهذا أيضا ما نظر له فوكو، فقد كتب عن السلطة واعتبر السلطة كلها شرا وقيودا ضد الحرية الإنسانية، وهو ما ينسجم مع سلوكه، لأنه كان يريد ممارسة جميع تلك الممارسات دون أن تتم محاسبته.
لكن الغريب أن فوكو، إلى جانب سارتر الذي كان هو أيضا بيدوفيليا، كانا من الذين وقعوا على العريضة الشهيرة عام 1971 تحت اسم”جبهة الشاذين من أجل الحركة الثورية”
Le Front homosexuel d’action révolutionnaire (FHAR)
وقد جاءت تلك الحركة في مرحلة ما بعد انتفاضة ماي 1968، وجاءت نتيجة تحالف ما بين المثقفات السحاقيات، وكانت منهن سيمون دي بوفوار، والمثقفين الشاذين، وكان منهم صديقها سارتر. ولكن عندما تستمتع إلى تسجيلات بعض حوارات سارتر وهو يتكلم بتلك الدقة الموزونة، ويدافع عن الحرية والكرامة الإنسانية، تكاد لا تعرف أن هذا الرجل الغزير الإنتاج كان يستهلك شيئين في حياته: الحبوب المنشطة، وهو ما كشفه أحد الباحثين الفرنسيين في كتاب له عن الأقراص المنشطة التي كان يستهلكها مقاتلو تنظيم داعش، والأمر الثاني هو الأطفال.