المرصد الوطني للعدالة الإجتماعية يدعوا إلى التعاقد

الوطن 24/ الدكتور كرين مصطفى

مرة أخرى، وبعيدا عن كل أشكال السمسرة والركوب على الأزمات لتحقيق مكاسب سياسية، أجدني مضطرا لإعادة التعبير عن رأيي ورأي المرصد الوطني للعدالة الإجتماعية كما سبق أن أعلناه وضحناه، والمتعلق بالوظيفة العمومية بشكل عام والإحتجاجات التي يخوضها الأساتذة والمتعلقة بمسألة التوظيف بالتعاقد بوجه خاص، والذي عبرنا من خلاله عن إنتهاء مدة صلاحية منظومة الوظيفة العمومية وتحولها إلى عائق كبير وأساسي في وجه التنمية والتطور الإقتصادي والإجتماعي ،، كما قلنا أن الأمر لا يتعلق بإصلاح هذه المنظومة وإنما بالإستفتاء عنها تماما وإبداع منظومة بديلة مبنية على التعاقد والمردودية والأهداف، ذاك أن الترسيم في مناصب الشغل يتعلق أساسا بالتوظيف في مصالح الدولة والإدارات العمومية دون أن يكون ذلك مرتبطا بأية مردودية أو أهداف تعاقدية .

بينما يعتبر التعاقد الصيغة الجديدة المثلى للرفع من مردودية الموارد البشرية والتقليص من تكاليف الإنجاز وسد أبواب الريع، وقد نهجتها بنجاح العديد من الدول الرائدة إقتصاديا، كما أن الترسيم لا يعتبر بأي شكل من الأشكال حلا لمشكلة البطالة، حيث لا يمكن للدولة الإستمرار إلى ما لا نهاية في إغراق الإدارة بالموارد البشرية الغير الضرورية وإثقال ميزانية الدولة بميزانيات التسيير .

إن الترسيم يعني أن تضع الدولة يدها في جيب المواطنين من جديد وبشكل مستمر لتمكين المرسمين من أجورهم الغير المرتبطة أصلا بمردودية، وبالتالي فإن ذلك سيؤدي لزيادات متتالية ومستمرة في الضرائب، ما سيؤدي إلى غلاء المعيشة وبالتالي إرتفاع الأسعار وإرتفاع نسبة التضخم وسينسف حيوية السوق ويؤدي إلى تدهور تنافسية الإقتصاد الوطني وبالنهاية سنجد أنفسنا أما مزيد من البطالة، وإذا لم تلجأ الدولة للزيادة في الضرائب فستضطر للإستدانة من أجل أداء هذه الأجور وبالتالي إرتفاع المديونية وإرتفاع خدمة الدين ( داخليا كان أو خارجيا ) وبالتالي قتل فرص الأجيال القادمة في الحياة الكريمة. وخصوصا أن هذا النهج سيؤدي إلى النقص المتواتر في ميزانية الإستثمار وهو ما يعني كذلك نقصا في فرص الشغل.

وعلى الصعيد الإجتماعي فإن من نتائج الإستمرار في منظومة الوظيفة العمومية كما هي حاليا والمبنية على الترسيم سيؤدي إلى هذا أيضا الزيادة في التكلفة الريعية لصناديق الضمان الإجتماعي والتقاعد، وهي صناديق مفلسة أصلا كما يعلم الجميع
بقي أن نشير إلى أن الزيادات الضريبية المتواترة تعني كذلك إعداما للقطاع الخاص وهروبا للإستثمارات حتى لا يجد المستثمرون أننفسهم مجبرين على توظيف إضطراري للعاطلين دون أية ضمانة للمردودية وكل هذا سينتج لنا العديد الأزمات الإجتماعية
أما على مستوى المبدأ فإنني أطرح التساؤل التالي: إذا كانت الأطر التعليمية أو الصحية أو الإدارية أو التقنية أو غيرها تطالب بالترسيم في الوظيفة العمومية فلماذا تتسابق بعد ذلك للظفر بمناصب لدى المؤسسات الخاصة وفق نظام التعاقد ؟