المغرب : إقليم إفران بدون مسابح جماعية ؟ وعشاق السباحة يستنجدون بفضاءات خلوية؟ كيف ولماذا؟

الوطن24 / إعداد محمد عبيد
صيف بدون مسابح عمومية بإقليم إفران؟
يحل صيف 2025 وتطغى على الأجواء حالة غياب مسابح عمومية تحت إمرة المجالس الجماعية…
قد يقول قائل لماذا اختيار موضوع المسابح بإقليم إفران وإثارة غياب مجالها وتحميل مسؤولية الوضعية للمجالس المنتخبة وعدم استحضار برامجها في التنمية المستدامة؟
الجواب بكل بساطة أن هذه الإثارة تأتي بناءً على واقع بئيس يرافقه استغراب سكان إقليم إفران عموما وخاصة بالمراكز الحضرية أو الشبه حضرية لغياب مسابح عمومية في ملكية الجماعات الترابية…. مسابح تتماشى مع احتياجات الفئات الشعبية أساسا…
& مسباح كولونيالية وجماعات محلية أضاعت المكتسبات؟
في هذه الورقة وإن كنا نتوخى منها التذكير بأهمية المسابح العمومية التي تعتبر جزء أساسيا من البنية التحتية الرياضية والاجتماعية في اي مجتمع.. نستعرض بعض الشيء من تاريخ المسابح بإقليم إفران لنضع القارئ سواء منه المعني أو المهتم بالشؤون المحلية في الصورة لضياع هذه المكتسبات إن اجتماعيا أو شأنا جماعيا تعود مداخلها على الجماعة بالنفع المادي بما يمكن أن يساهم في تقوية ميزانيتها تساعد في تنمية مجالاتها الأخرى.
غياب إن لم نقل انعدام المسابح البلدية بإقليم إفران ظهر جليا منذ حلول القرن الجاري بعدما كانت هناك مسابح منها البلدية تتصرف فيها المجالس الترابية منذ فجر الاستقلال، ونعني بها مسبحا بشكل وافر مدينة أزرو ومدينة إفران.. قبل أن تبسط بعض الجهات بيديها عليهما لتقبر مسبح إفران أو لتدبر أخرى شؤون مسبح أزرو حسب أهوائها وميزاجيتها كلما حل موسم الصيف…
1) مسبح إفران… النصارى بناوه حوالي سنة1928:
بإفران ومنذ فجر الاستقلال كان أن استمتع سكان وزوار إفران صيفا بالاستجمام في المسبح المتواجد بالمنطقة المعشوشبة المسماة “لابريري”، وحيث الموقع بالقرب من القصر الملكي بدأت بوادر طمس معالم المسبح تلوح منذ 1992 لتتوالى السنون وتدريجيا وشيئا فشيئا وتحت غطاء عدد من المبررات الملغومة التي أطلقتها المجالس المنتخبة المتعاقبة، منها الادعاء بإصلاح ملعب كرة الطائرة حين شرعت في حفر فضاء المسبح، ومنها التي روجت أنه لأسباب أمنية وصحية معا للحفاظ على سلامة المتوافدين عليه، حين ادعت مصالح البلدية بأنها كانت قد سجلت أن المسبح نظرا لقدمه وتقادم أحواضه التي يغلب عليها الصدى في أرضها تفسرها وجوانبها، وكذا لكون الفرشة المائية لا تستقر على حال نظرا لتسرب المياه في جوفها، ونظرا للحالة الغير اللائقة التي تتواجد عليها فضاءات المسبح بسبب ما تعرضت له من إهمال وتسجيلها عدم وجود صيانة ومراقبة شاملة كانا يدخلان في إطار تحملات المقاولة المكترية للمسبح، مما دفع بالجماعة سنة 2012 إلى عمد إغلاق المسبح حتى لا يتسبب في أضرار جسدية أو صحية للمتوافدين عليه..
وكان قد أعلن رئيس المجلس البلدي آنذاك أنه تمت برمجة لإعادة تهيئة هذا المرفق الاجتماعي بتحديد نقطته ضمن جدول أشغال إحدى دوراته العادية شهر يوليوز 2012 لتخصيص غلاف مالي من فائض ميزانية 2013 وللتوقيع على شراكة مع وزارة الشباب والشباب للقيام بالأشغال اللازمة التي من شأنها أن تمكن فضاءات المسبح وأحواضه من حلة جديدة تضمن الشروط الأمنية لسلامة المتوافدين عليه…
إلا أنها مع توالي الأيام والسنين تبين أنها كانت مجرد وعود كاذبة…
ولم تنفع منذئذ صرخات شعب المدينة لإعادة افتتاحه أو بناء بديل له مما دفع بالراغبين في السباحة التحول إلى البحيرات أو الأودية والمجاري القريبة من المدينة والتي لا تتوفر على شروط النظافة والأمن….
كما أن التاريخ يحتفظ بالوهم الذي روجه رئيس المجلس الجماعي للولاية السابقة، وذلك حين أعلن سنة 2019، وعلى منصته الفايسبوكية، بأن مجلسه أعد مشروع بناء مسبح عمومي بمواصفات عصرية وإصلاح الملعب البلدي وإنشاء ملاعب أخرى، إلى جانب بناء مركز للإيواء.. ووو… وقام بترويج وبإشهار لصور على الورق (ماكيط)!؟؟!!
ولكن الأيام أفرزت أنه كان يروج للأوهام..
ونحن بصدد إعداد هذا الموضوع، حاولنا النبش والتواصل مع الرئيس الحالي للجماعة لأجل الحصول على معلومة جديدة بخصوص إن كان هناك تفكير في برمجة مشروع بناء مسبح جماعي بإفران؟!!…
لكن كل محاولاتنا اصطدمت بالجفاء!
2) فقدان مكسب مسبح أزرو…. عندما انقلب السحر على الساحر!
تاريخ بناء المسبح في أزرو غير محدد بشكل دقيق في المعلومات المتوفرة، ولكن يُعرف أنه يعود لفترة الاستعمار، وكان يستغل من قبل بلدية المدينة بعد الاستقلال مباشرة، إلى أن بدأت الخلافات تتفجر حول ملكيته في بداية الألفية الثانية.
مسبح أزرو الذي كان قبل سنوات الألفية الثانية الجارية يعتبر مسبحا بلديا إلا أن جماعة المدينة في سنة 2003 فرطت في مكسبه وبشكل خلف معه جدلا واسعا داخل المجتمع المدني حين فوتته لوزارة الشباب والرياضة التي ادعت بوثيقة تعود لفترة الاستعمار بأنه في ملكيتها وانقضت عليه تحت مقصلة القانون والقضاء.
ومن غريب الصدف أن من كان وراء فقدان الجماعة لهذا المكتسب هو نفس الشخص الذي اليوم يجد نفسه في موقف العجز من الاستفادة او تدبير المسبح… إذ أن هذا الشخص كان وراء رفع الدعوة باسم وزارة الشباب والرياضة مع بداية سنوات 2000، بصفته مندوبا إقليميا للوزارة بإفران، وفي سنة 2003 صار المسبح بشكل رسمي في ملكية وزارة الشباب آنذاك…
وحيث صار الآن نفس الشخص هو الرئيس الحالي للجماعة فلقد اجتهد في أن يخلق شراكة مع مديرية التعليم بالإقليم بتدارك هذه الزلة حتى يمكنه استغلال المسبح والاستفادة من مداخيله بشكل مباشر قاطعا الطريق عن عمليات كرائه للجمعيات أو للخواص…
فتم خلق اتفاقية شراكة موسمية مع المديرية الاقليمية لوزارة التربية الوطنية (قطاع الرياضة)، وعلى إثر ما افتضح من أمر سوء العلاقة نتيجة التدبير والتسيير عقب موسم السباحة الأخير، حين حولت الجماعة الحضرية لازرو فاتورة اداء استهلاك الماء (مبلغ 12 مليونا سنتيما) الى مديرية التعليم بإفران كي تتكلف بادأء المستحقات، في وقت لم تستفد هذه الأخيرة من أي سنتيم من المداخيل المتحصل عليها من المسبح، مما اضطر الطرفين الاحتكام إلى عامل الاقليم السابق…
وبالتالي قررت مديرية التعليم هذه السنة عدم تجديد اتفاقية الشراكة مع جماعة أزرو إذ تسعى هذا الأسبوع الاخير من يونيه 2025 الى خلق شراكة او اسناد مهمة تدبير وتسيير المرفق لإحدى الجمعيات الرياضية!؟.. وليبقى امر افتتاح المسبح عالقا مع حلول شهر يوليوز تبعا للاحراءات المسطرية بين الطرفين وايضا لحاجة المرفق للصيانة من جديد قد تأخذ حينا اهر من الزمان؟!!
ويتخوف المهتمون والمتتبعون من ا عتماد الشراكة بحسب التجربة الأخيرة كونها تبقى في عمقها تعتريها بعض السلبيات من حيث المواقف ذات الطابع القانوني خاصة من حيث الحوادث (إن حدثت القدر الله!)؟؟
3) مسبح عين اللوح… شبه حضري في وضعية تدمي القلوب!
رغم صغر تراب جماعة عين اللوح يتوفر بها مسبح يعد أقدم مسبح بالإقليم، وهو مسبح اجعبو بعين اللوح، يعود تاريخ بنائه لعام 1933 وسط الغابة…
وكونه مع توالي سنوات الاستقلال كان ملجأ لاستجمام شباب وأطفال البلدة خلال موسم السباحة صيفا قبل أن تعبث به أيادي الإهمال سيما خلال السنوات الأخيرة فتعرض إلى التخريب، مما حرم شبابه من الاستمتاع به..
وحسب بعض الرائجات فإن الجماعة الترابية لعين اللوح قد تكون خصصت ميزانية لإعادة ترميم هذا المسبح وحفر ثقب مائي لسد خصاص ماء عين أجعبو..
وقد كثرت الأحاديث وما يرافقها من جدال مجتمعي في موضوع إعادة افتتاحه قريبا، فإن فاعلين ومهتمين بالشأن المحلي من أبناء البلدة يرون أن إمكانية إعادة افتتاح المسبح هذا الصيف 2025 قد تكون مستحيلة نظرا للوضعية التي عليها المسبح، ونظرا لعدم ظهور بوادر الإصلاح ميدانيا إلى حدود الساعة، كون المسبح لازال مهملا…
وبالتالي فإن هذا المرفق يبقى في وضعية تدمي القلوب.
& أية دوافع وراء تجاهل الجماعات الترابية بإقليم إفران بناء مسابح في ملكيتها؟
إن التفكير في إعداد مشاريع بناء مسابح عمومية بالوسطين الحضريين لكل من آزرو وافران أصبح ضرورة ملحة، وعلى المسؤولين وكذا أعضاء الجماعتين الحضريتين (أغلبية ومعارضة)، أن يصبوا اهتمامهم وانشغالهم في هذا الخصوص ويهتموا بشباب المدينة وأن يلتفتوا لمتطلباتهم وأن يعملوا على تحقيقها كباقي المدن المغربية… خاصة جماعة أزرو التي مع تعاقب كل المجالس المنتخبة منذ الاستقلال لم يستحضر اي مجلس جماعي من المتعاقبين على تدبير وتسيير شؤون المدينة عقلية التفكير في برمجة وبناء مسبح بلدي تبعا للنمو السكاني الذي تعرفه مدينة أزرو، مما يثير معه أكثر من علامة استغراب!
فهل هو جهل أم تجاهل بأهمية مثل هذه المرافق التي تندرج ضمن برامج التنمية المستدامة للجماعةت المحلية؟
هل من عبرة واعتبار؟
بشكل عام، هل أسباب غياب مشاريع هذه المرافق في برامج الجماعات المحلية بإقليم إفران يعود لعدم الاهتمام من السلطات المحلية دون إغفال مسؤولية المجالس المنتخبة نتيجة قلة الاهتمام أو التمويل؟
وهل يعود إلى التحديات المالية التي تواجه السلطات والجماعات الترابية في إنشاء وتشغيل المسابح العمومية؟ مما يؤدي إلى غيابها بالإقليم؟
أم أن هناك أولويات أخرى للتنمية في الإقليم التي تحصل على التمويل والاهتمام على حساب إنشاء المسابح العمومية؟
وهل يعود عدم إنشاء مسابح عمومية لاعتبارات بيئية مثل عدم وجود مصادر مائية كافية؟؟؟!
ويبقى مشكل غياب المرافق الترفيهية العمومية، وعلى رأسها المسابح، قائما بالإقليم عموما الى ان يشاء الله ويهدي العباد الى استدراك هذه النواقص!؟
ومن جهة أخرى، يرى فاعلون بأنه على الدولة أن تقدم الدعم المالي للجماعات المحلية في هذا الإطار من أجل تحقيق هذا المطلب المشروع الذي يجب أن يحمله ممثلو الأمة إلى قبة البرلمان والترافع من أجله.
وأمام إغلاق المسابح بإقليم إفران، يضطر الأطفال من”أيها الشعب” إلى التوجه إلى فضاءات خلوية للسباحة في بحيرات أو مجاري وديان للاستجمام، بالرغم مما قد يشكل أحيانا هذا السلوك من خطورة على حياتهم؟؟؟ في حين يستمتع آخرون من ذوي اليسر بالسباحة في مسابح الفنادق، فيما توفر لأطفال مراكز الاصطياف للإدارات العمومية أو الشركات بالاستجمام والسباحة في مسابح هاته المرافق…
فهل يتدارك المسؤولون عن الشأن المحلي هذا الخصاص والتعجيل بأخذ الوضعية بالجدية لبرمجة مشاريع بناء مسابح عمومية تتطلب لمستجدات العصر؟
مسابح تتماشى مع احتياجات الفئات الشعبية أساسا… وتستحيب لرغبة السكان ولتطوررات العصر الحالي؟!!