المغرب/ البيجيدي ونقابته: شراكة استراتيجية أم خديعة؟

الوطن 24/ بقلم: إدريس عدار

أبناء العدالة والتنمية بالمملكة المغربية يتصرفون في التاريخ مثلما تصرفوا في الجغرافية. بعد سنوات من التدبير الفاشل ينتهكون اليوم الزمان حيث يصبح بدون تخوم. سعد الدين العثماني، الرجل الأول فيهم اليوم، يقول إنه يعتز بالشراكة الإستراتيجية بين العدالة والتنمية والإتحاد الوطني للشغل بالمغرب. ودائما اتبع أبناء العدالة والتنمية إلى باب الدار وسيفصحون عن الحقيقة ولو غمغمة. لم ينتبه العثماني وهو يقول “هي شراكة لا تعود لسنة 2008، بل إلى قبل ذلك لما كان الدكتور عبد الكريم الخطيب الذي هو الرئيس المؤسس لحزب العدالة والتنمية، والمؤسس لنقابة الإتحاد الوطني للشغل بالمغرب”.

الشراكة تكون بين مؤسستين مستقلتين. الشراكة تتم على أرضية اللقاء حول الحد الأدنى من المشترك. فكيف تكون الشراكة بين الأصل والفرع؟ كيف تكون الشراكة بين حزب سياسي تولدت عنه نقابة في ظروف خاصة؟

الدكتور الخطيب اشتغل داخل دار المخزن ولم يبرحها إلا بعد أن أخذ منه الوهن مأخذا. لكن كانت له خياراته في تدبير المشهد السياسي. عقب إعلان حالة الاستثناء سنة 1965 افترق عن محجوبي أحرضان مؤسس الحركة الشعبية. تمخض عن هذه اللحظة ميلاد الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية. تعبير رمزي من الخطيب عن رفضه لإلغاء الدستور والعمل به.

سنة 1973 قرر الدكتور الخطيب تأسيس الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب. ما الحاجة إلى نقابة لن يكون لها موقع وسط نقابات جذرية آنذاك؟ كانت للدكتور الخطيب ميولات إسلامية. وله كتابات في هذا الشأن. بل إن مهدي عاكف المرشد الأسبق للإخوان المسلمين نعاه يوم وفاته على أنه أحد مؤسسي التنظيم بالمغرب.

رغم ميولات الخطيب فإنه في اعتقادي استطاع أن يلعب بالإخوان بدل أن يلعبوا به، عكس من خلفه اليوم على رأس الحزب. واستطاع استقطاب توفيق الشاوي، أحد قادتهم الدوليين، ليعمل إلى جانب الملك الراحل محمد الخامس، بل اشتغل معه في ديوانه لما أصبح رئيسا لمجلس النواب.

تأسيس الاتحاد الوطني للشغل لم يكن بعيدا عن دار المخزن. حيث كانت المواجهة على أشدها مع الشيوعيين والاشتراكيين محليا وإقليميا ودوليا. وبواسطة الاتحاد الوطني للشغل في المغرب أصبح المغرب عضوا في الاتحاد الإسلامي للعمل، الذي أسسه جمال البنا. يوم تأسست هذه النقابة على يد الدكتور الخطيب ومحمد خليدي، الأمين العام الحالي لحزب النهضة والفضيلة، لم تكن مجموعة بنكيران قد تأسست. جاءت بعد سنوات، وحتى مع مجيئها لم تكن تؤمن بالعمل السياسي والنقابي، وكانت تعتبره بدعة.

بالجملة تأسس الحزب في سياق معين وخرجت منه النقابة في سياق مختلف. وفي التأسيس الثاني أو السطو على هذا الحزب الذي تم إفراغه من قواعده، تم بموازاته السطو على النقابة. أبناء التوحيد والإصلاح وخصوصا الأعضاء السابقين لجمعية الإصلاح والتجديد، هيمنوا على حزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية وحولوا اسمه إلى العدالة والتنمية، كما سطوا على هياكل الاتحاد الوطني للشغل وطردوا قدماءه خارج الاتفاق مع الدكتور الخطيب. هو تأسيس واحد. هذا من ذاك. فهو إذن تابع وليس للتابع أن يعقد مع المتبوع أية شراكة.