المغرب: انتخابات أصيلة الجزئية تفضح أعطاب الثقة في المسار الديمقراطي

الوطن24/ خاص
انتهت الانتخابات الجزئية بدائرة أصيلة، لكنها تركت وراءها أكثر من علامة استفهام حول واقع الديمقراطية الانتخابية في المغرب. محطة كان من المفترض أن تعزز الثقة في المؤسسات، لكنها كشفت من جديد هشاشة المسار، واستمرار ممارسات تسيء إلى الشفافية وتفرغ العملية الانتخابية من مضمونها الحقيقي.
مرشح حزب الاستقلال، مصطفى الطليكي، المغربي المقيم بألمانيا منذ أزيد من ثلاثين سنة، قرر خوض هذه التجربة السياسية متسلحًا بقيم النزاهة والانضباط التي تشبع بها في بلد المهجر. لكنه فوجئ بمشهد انتخابي تغيب فيه تكافؤ الفرص، وتحضر فيه بقوة أساليب التأثير على الناخبين، وشراء الذمم، ومظاهر العبث الانتخابي.
في تصريح خصّ به الوطن24، قال الطليكي:
“كنت أؤمن أن المغرب قادر على تنظيم انتخابات نظيفة تحترم إرادة المواطنين. جئت من ألمانيا حاملاً حلم التغيير وخدمة بلدي، لكن ما رأيته من تجاوزات أصابني بخيبة أمل. رغم كل شيء، اخترت أن أخوض حملة نظيفة وأن أظل وفيًا لمبادئي، لأن السياسة يجب أن تكون وسيلة شريفة لخدمة الوطن، لا وسيلة للإثراء والفساد.”
ورغم عدم فوزه بالمقعد البرلماني، فإن الطليكي كسب معركة المبادئ، بعدما خاض حملة نظيفة وملتزمة، أعادت الأمل في إمكانية ممارسة سياسية شريفة داخل المغرب. وقد نال احترام ساكنة أصيلة والزيلاشيين الأحرار، الذين لم يرضخوا لضغوط المال، ولم يفرطوا في أصواتهم.
ما حدث في هذه الانتخابات يدق ناقوس الخطر، ويؤكد الحاجة الملحة لإصلاح جذري لقانون الانتخابات، وسَنّ تشريعات صارمة تمنع التلاعب، وتفرض رقابة حقيقية تضمن نزاهة الاستحقاقات. لأن استمرار العبث لا يفرز سوى منتخبين عاجزين عن الاستجابة لحاجيات الساكنة، ويُعمّق أزمات التهميش، البطالة، والهجرة نحو طنجة والخارج.
المغرب، في ظل هذا الواقع، يدفع ثمن سنوات من التساهل مع الفساد والريع، وهو ما ينعكس على المؤشرات الدولية، حيث يحتل مراتب متأخرة في الشفافية، ومراتب متقدمة في الفساد. أرقام الفقر مقلقة: 18 مليون مغربي تحت خط الفقر، و12 مليونًا من الطبقة المتوسطة أصبحوا مهددين بالتفقير.
اليوم، المغرب أمام مفترق طرق حاسم: إما أن يُعلن قطيعة شاملة مع الفساد السياسي، والاغتناء غير المشروع، واستغلال النفوذ، أو أن يستمر في مسار يُهدد السلم الاجتماعي، ويُجهض حلم تنزيل النموذج التنموي الجديد الذي يراهن عليه الجميع لبناء مغرب الكرامة والعدالة.