“المغرب بدون عيد وسوق الحولي يغلي: التخاطيف والازدحام يفجران الجدل.. واش كلشي عندو العقيقة؟

رغم القرار الملكي الحكيم بإلغاء الاحتفال الرسمي بعيد الأضحى لهذه السنة، مراعاة للظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها عدد كبير من الأسر المغربية، عادت أسواق الماشية لتشهد مشاهد صادمة أشبه بـ”حرب البقاء”، حيث التزاحم والتخاطف على شراء الأضاحي بلغ مستويات مثيرة للدهشة والاستفهام.

ففي أسواق متعددة من مدن المغرب، توثّق عدسات المواطنين وفيديوهات مواقع التواصل الاجتماعي طوابير طويلة، ومشادات كلامية، و“هجوم” جماعي على عربات الكسابين، وكأن البلاد مقبلة على موسم ذبح جماعي أو عقيقة لا علاقة لها بقرار الدولة.

“حشومة.. سيدنا لغا العيد والناس كيتخاطفو على الحولي، واش كلشي ولا عندو العقيقة؟”، بهذه العبارة الغاضبة اختصر أحد المواطنين في فيديو صريح حجم الاستياء الشعبي من تناقض السلوك العام مع التوجيهات الملكية، مضيفاً: “فين هو التضامن؟ واش اللي ما لقا باش يخلص الكراء ولا الدوا، غادي يشوف جارو كيدخل الحولي ويبقى ساكت؟”

فاطمة الزهراء، أرملة وأم لثلاثة أبناء من فاس، تقول: “أنا مع الملك، لأنه فكر فالفقراء اللي ما عندهمش، وأنا وحدة منهم. ولكن كنشوف الجيران كيدخلو الحوالى واحد ورا واحد، والله كتحز فقلبي، وولدي الصغير كيبكي يسولني: علاش ما عندناش بحالهم؟

حميد، فلاح من سوق أربعاء الغرب، يكشف الجانب التجاري من الظاهرة: “الناس كيتهافتو وكأن العيد ما تلغاش، وحنا الكسابين كنضربو تمارة عام كامل، ولكن ماشي معقول يشريو الحولي فقط باش مايبانوش ناقصين، في وقت كاين ناس ما عندها حتى باش تعمر قنينة الغاز.”

من قلب درب السلطان بالدار البيضاء، يقول عزيز.م، مستخدم في شركة نظافة: “أنا خدمت 12 سنة وما عمرني شفت المغاربة متناقضين بحال هاد العام. كاين أمر ملكي، وكاين أزمة، وكاين ناس ما خداماش، ولكن كتدخل سوق الجملة تلقى الفوضى والناس كتشري الحولي بحال شي سباق. واش نفاق اجتماعي؟ ولا الخوف من كلام الناس؟ ما فهمتش.”

يونس.ب، مهاجر مغربي في مدينة فالنسيا الإسبانية، عبّر عن صدمته من المشاهد المنتشرة قائلاً: “في إسبانيا، العيد كيبقى اختياري وماشي إجباري، والناس كتقيس رزقها. ولكن كنشوف فالفيديوهات كأن المغرب خارج من المجاعة! كنعرف عائلات هنا كتعاون عائلات في المغرب باش غير يشدو المصروف، وفنفس الوقت كيلقاوهم شراو الحولي! هادشي خاصو وقفة.”

الفاعل الجمعوي محمد بنعلال يعلق قائلاً: “المشكلة ماشي فالعيد، بل فالتفكير الاجتماعي لي ما زال كيربط الكرامة باللحم. خاصنا نعلمو ولادنا أن التضامن والتعاطف أقوى من التظاهر والتفاخر.”

وفي الوقت الذي تحاول فيه الدولة تخفيف الضغط على الطبقات الهشة، من خلال مبادرات تضامنية وتوجيهات سامية واضحة، يظهر أن هناك حاجة ماسة لمجهود موازي في التربية على الاستهلاك، والوعي الجماعي بأهمية ترشيد العادات في مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية.

وبين من يعتبر الأضحية “شعيرة لا تسقط” ومن يراها “رمزاً اجتماعياً”، تظل الحقيقة واحدة: المشهد في الأسواق لا ينسجم مع روح التضامن التي نادى بها الملك، ولا مع الواقع الصعب الذي يعيشه ملايين المغاربة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *