المغرب: خروقات التعمير تهدد جمالية طنجة: هل تُطمس الإطلالة على البحر بأيدي الفاسدين؟
الوطن 24/ كادم بوطيب
تعيش مدينة طنجة، جوهرة الشمال المغربي، على وقع تجاوزات صارخة في مجال التعمير، والتي باتت تهدد ليس فقط هويتها المعمارية الفريدة بل أيضًا توصيات وتوجيهات ملكية سامية طالما دعت إلى الحفاظ على التراث وحماية المناظر الطبيعية. الميناء الترفيهي، الذي كان من المفترض أن يكون واجهة مشرقة للمدينة ويعزز من جاذبيتها السياحية، أصبح اليوم شاهدًا على خروقات صارخة تشوه المظهر العام للمدينة وتطمس الإطلالة الخلابة على البحر.
- توصيات ملكية في مهب الريح
في أكثر من مناسبة، شدد الملك محمد السادس، نصره الله، على ضرورة الحفاظ على جمالية المناطق الساحلية، بما فيها كورنيش طنجة والميناء الترفيهي، وأوصى بأن لا تتجاوز البنايات طابقًا واحدًا لضمان أن تظل الإطلالات على البحر حقًا مشتركًا بين سكان المدينة وزوارها. ورغم هذه التوصيات الصريحة، يبدو أن بعض المسؤولين واللوبيات العقارية قد اختاروا أن يغمضوا أعينهم عن تلك التعليمات.
- من يحاسب على طمس البحر؟
مع كل مشروع عمراني جديد في محيط الميناء الترفيهي أو الكورنيش، تتزايد التساؤلات حول جدية تطبيق قوانين التعمير ومدى احترام المسؤولين للتوجيهات الملكية. كيف يمكن تفسير منح تراخيص لمبانٍ شاهقة تطمس الرؤية على البحر وتحوّل المدينة إلى كتلة إسمنتية؟ ومن المستفيد حقًا من هذه الخروقات التي لا تعود بالنفع إلا على بعض المضاربين العقاريين؟
- طنجة بين التراث والتشويه
مدينة طنجة ليست مجرد مركز حضري، بل هي تاريخ وثقافة، ورمز لتراث مغربي غني. هل يعقل أن تُشوَّه هذه المدينة التي تستقطب السياح من جميع أنحاء العالم بسبب منافع شخصية ضيقة؟ وما هو دور السلطات المحلية والمنتخبين في الحفاظ على الموروث الحضري والبيئي للمدينة؟ إذا كان الحفاظ على التراث لا يزال يعتبر أولوية في السياسة الملكية، فإن ما يحدث على أرض الواقع يُظهر تناقضًا واضحًا بين التوجيهات العليا وما يتم تنفيذه ميدانيًا.
- أين الرقابة والمساءلة؟
الجميع يتساءل: أين هي الرقابة؟ هل ستظل هذه الخروقات تمر بدون محاسبة؟ المسؤولية الآن تقع على عاتق جميع الأطراف المعنية: السلطات المحلية، وزارة الداخلية، ومختلف الهيئات الرقابية. لا يمكن للمدينة أن تضحي بجمالها وهويتها من أجل مشاريع عشوائية لا تخدم سوى جيوب قليلة على حساب المصلحة العامة.
- رسالة إلى المسؤولين
طنجة لا تستحق هذا المصير. يجب أن يتحمل الجميع مسؤولياته أمام التاريخ وأمام الشعب المغربي. المدينة القديمة وكورنيشها هما جزء من ذاكرة الجماعة ومن حق كل مغربي وزائر أن يستمتع بالإطلالة على البحر دون أن تحجبها أبراج إسمنتية.
اليوم، طنجة تقف على مفترق طرق. إما أن تُحترم التوجيهات الملكية ويعاد النظر في المشاريع العمرانية التي تهدد هويتها، أو أن تتحول المدينة إلى ضحية لطمع الفاسدين. السؤال الأهم: هل من سيستجيب لصوت العقل ويوقف هذه المهزلة العمرانية؟