المغرب: خطة إصلاح المؤسسات العمومية لتعزيز الاقتصاد الوطني وحماية المال العام.

في خطوة تهدف إلى إصلاح شامل للقطاع العام، أعلنت وزيرة الاقتصاد والمالية المغربية، نادية فتاح، عن خطة لتصفية 81 مؤسسة ومقاولة عمومية من أصل 525، وذلك في إطار جهودها لتحصين 345 مليار درهم من الضياع. هذه المبادرة تأتي في وقت بالغ الأهمية، حيث تسعى الحكومة المغربية إلى تقليص الهدر المالي وتعزيز فعالية المؤسسات العامة التي تلعب دوراً محورياً في الاقتصاد الوطني.

ويتضمن المشروع الإصلاحي الذي أعلنته الوزيرة تصفية المؤسسات التي لا حاجة لاستمرارها في القطاع العام، مع التركيز على خوصصة بعض المؤسسات التي ثبت عجزها عن تحقيق الأهداف المرجوة. هذه الإصلاحات تنبع من توجيهات الملك محمد السادس، الذي يطمح إلى تحسين حكامة المؤسسات العمومية وزيادة فعاليتها بما يعزز المساهمة في التنمية الاقتصادية في المغرب.

وقد بلغ رقم معاملات المؤسسات العمومية 345 مليار درهم بنهاية 2024، بزيادة تقدر بـ 4% مقارنة بسنة 2023. ويعكس هذا الرقم أهمية هذه المؤسسات في الاقتصاد الوطني ومدى تأثيرها على القطاعات المختلفة. وتتوزع هذه المؤسسات بين عدة قطاعات حيوية، حيث يمثل القطاع الاجتماعي 24% منها، وقطاع السكن 16%، والفلاحة 15%، والطاقة والمعادن 12%، في حين تتوزع النسب المتبقية على قطاعات النقل والبنية التحتية.

واستعرضت الوزيرة في جلسة محاسبة الحكومة بمجلس النواب مجموعة من الإصلاحات الكبرى التي ستشمل القطاعات الحيوية مثل قطاع توزيع الماء والكهرباء في المغرب، حيث تم إنشاء 12 شركة جهوية، وقطاع التعمير من خلال دمج الوكالات الحضرية. كما ركزت على تحسين حكامة قطاعات أخرى مثل الصحة والسياحة، مما يضمن تحسناً في مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.

وفيما يتعلق بالقطاع غير المهيكل، أكدت الوزيرة أن الحكومة المغربية تدرك تمامًا الآثار السلبية لهذا القطاع على الاقتصاد الوطني، حيث يساهم في تقليص المداخيل الضريبية ويحرم الدولة من موارد هامة. وأشارت إلى أن إدماج هذا القطاع في الاقتصاد المهيكل سيكون له دور كبير في تحسين الوضع الاقتصادي الوطني، إذ تتراوح نسبته حسب الدراسات بين 11% و30% من الاقتصاد الوطني. وتواصل مديرية الضرائب محاربة الفواتير الوهمية وغيرها من الممارسات غير القانونية التي تؤثر سلبًا على الاقتصاد المغربي.

كما قدمت الوزيرة مثالاً على قطاع المقاهي والمطاعم في المغرب، الذي يشغل مليون مستخدم، رغم أن المسجلين في نظام الضمان الاجتماعي لا يتجاوز عددهم 130 ألفًا. وتؤكد الحكومة أن المشروع الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية سيكون له دور كبير في إدماج هذا القطاع في الدورة الاقتصادية الرسمية، مما سيضمن حقوق العاملين فيه ويعزز من استقرار الاقتصاد الوطني.

من خلال هذه الإصلاحات، تسعى الحكومة المغربية إلى تعزيز الاقتصاد الوطني وحماية المال العام، في وقت تمر فيه البلاد بتحديات اقتصادية كبيرة. هذه الإصلاحات تعكس التزام الحكومة بتحقيق التنمية المستدامة وتحسين مستوى معيشة المواطنين في المغرب، في ظل بيئة اقتصادية ديناميكية تتطلب حلولاً مبتكرة وفعالة.

لقد عاش المغرب تجربة مماثلة تتعلق بتفويت كثير من المؤسسات العمومية للخواص في إطار ما عرف في تسعينيات القرن الماضي بالخوصصة تنفيدا لإملاءات صندوق النقد الدولي وثبت عدم جدوى وفعالية هذه الخطوة ولم تحقق العملية ما كان يرجى منها بنفس التبريرات المرتبطة بحماية المال العام ومحاربة الفساد حيث تضاعف الهدر ونهب المال العام وتغول الفساد وشاع التملص الضريبي وكل الآفات المالية تنتعش وتجد مرتعا خصبا في مثل هذه الخطط التي تقتصر على منهجية آنية وتستبعد المآلات السلبية المتوسطة والبعيدة المدى، فهل تستحضر الحكومة هذا الإرث الثقيل للخوصصة؟ وما هي خطتها الواقعية لعدم تكرار سيناريوهات الفشل؟