المغرب: هل بدأت الطبقة الحاكمة تتحول إلى “نظام الأقلية”؟

الوطن24/ خاص
في خطوة أثارت العديد من التساؤلات والانتقادات، وصفت صحيفة “لوموند” الفرنسية التعيينات الحكومية الأخيرة في المغرب بأنها تعكس “صراع العشائر”، مشيرة إلى أن هذه التعيينات قد تمت على أساس علاقات شخصية ومصالح عائلية أكثر من الكفاءة والخبرة.
رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، الذي يُعتبر من أبرز الشخصيات السياسية والاقتصادية في المملكة، قام مؤخراً بتعيين عدد من المديرين والموظفين السابقين في شركته القابضة في مناصب وزارية وحكومية رفيعة. هذه الخطوة، التي قد تبدو طبيعية للعديد من المتابعين، أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والإعلامية، لا سيما مع تزايد التساؤلات حول مدى ملاءمة هذه الشخصيات لتولي المناصب الحساسة.
من بين الأسماء التي برزت في هذه التعيينات، كان محمد سعد برادة، رجل الأعمال الذي بدأ رحلته في صناعة الحلويات والشوكولاتة ليصبح واحداً من أغنى رجال الأعمال في المغرب. لكن ما أثار الجدل بشكل خاص هو أن برادة، الذي لم يكن قد شغل أي منصب سياسي أو إداري كبير قبل تعيينه، لا يملك أي تجربة واضحة في الشؤون العامة. بل على العكس، لم يكن له حضور في التدريس أو في أي مجال حكومي أو تنظيمي. فما الذي يميز برادة إذاً؟ الإجابة التي طرحتها الصحيفة تكمن في علاقته العميقة مع عزيز أخنوش، الذي تربطه به علاقة قديمة منذ الثمانينات.
هذه التعيينات لا يمكن أن تُقرأ في سياق مصادفة، بل يُنظر إليها على أنها مؤشر آخر على هيمنة “الطبقة الحاكمة” نسبة إلى الحكومة في المغرب، وهي طبقة قد لا تكون قائمة على الكفاءة بقدر ما هي مبنية على المصالح العائلية والتشابك العائلي بين الحكومة والأعمال الخاصة. “لوموند” لم تتردد في التعبير عن قلقها من أن هذه الديناميكيات قد تؤدي إلى تشكل “نظام حكم الأقلية” في المغرب، وهو أمر قد يعيد تشكيل المشهد السياسي في المملكة بشكل يتعارض مع المبادئ الديمقراطية.
مع اقتراب الانتخابات التشريعية في المغرب، تثير هذه التعيينات تساؤلات جوهرية حول قدرة الحكومة على تحقيق التوازن بين مصالحها الخاصة ومصلحة الشعب. هل ستظل السياسة المغربية رهينة للعلاقات الشخصية والطبقات الاقتصادية ذات النفوذ، أم أن هناك مجالاً لتغيير حقيقي يعكس إرادة الشعب؟ الأيام المقبلة قد تكون كفيلة بالإجابة على هذه الأسئلة التي ستحدد مسار السياسة في المغرب في المستقبل.