المغرب وموريتانيا يوقعان اتفاق القرن: بورصة نواكشوط تنطلق بخبرة مغربية وصبغة إفريقية جديدة.

في تطور غير مسبوق يعكس طموح البلدين في بناء نموذج اقتصادي متكامل، وقّعت المملكة المغربية والجمهورية الإسلامية الموريتانية اتفاقية تاريخية تهدف إلى إنشاء أول بورصة مالية في العاصمة نواكشوط، بدعم تقني ومهني مباشر من بورصة الدار البيضاء، أحد أعمدة التمويل والاستثمار في القارة الإفريقية.

هذه الاتفاقية، التي توصف بكونها “نقلة نوعية” في تاريخ الاقتصاد الموريتاني، ستمكن نواكشوط من تأسيس سوق مالية حديثة ومتكاملة، قادرة على مواكبة التحولات الإقليمية والدولية، وجذب استثمارات ضخمة كانت حتى الأمس القريب تبحث عن بيئة أكثر شفافية وتنظيماً.

المغرب، بخبرته الطويلة في المجال المالي، سيضع رهن إشارة موريتانيا كل ما يلزم من دعم فني، وخطط هيكلية، ونُظم متطورة لبناء بورصة بمعايير عالمية. كما يشمل الاتفاق برامج لتأهيل وتكوين الكفاءات الموريتانية، في إطار رؤية شاملة لتنمية رأس المال البشري المحلي.

ويولي الجانبان أهمية بالغة لتعزيز التعاون جنوب-جنوب، ليس فقط من زاوية المصالح الثنائية، بل كرؤية استراتيجية لمستقبل إفريقي يعتمد على شراكاته الداخلية بدل انتظار حلول خارجية. هذا التعاون يُعد رسالة قوية إلى بقية دول القارة: بإمكان إفريقيا أن تبني منظومتها الاقتصادية بأيدي أبنائها.

المشروع لا يمثل فقط تقدماً اقتصادياً لموريتانيا، بل أيضاً امتداداً استراتيجياً للمغرب في عمق إفريقيا، ما سيُسهّل ولوج الشركات المغربية إلى السوق الموريتانية ويُعزز تموقعها في غرب إفريقيا، باعتبار نواكشوط بوابة عبور جديدة نحو الفرص الكبرى في الجنوب.

إنه ليس مجرد اتفاق، بل إعلان عن ولادة قطب مالي جديد في المنطقة، بطموح إفريقي وإرادة مغربية موريتانية مشتركة. ولعلّ التاريخ سيذكر أن بورصة نواكشوط انطلقت من الدار البيضاء، تماماً كما تنطلق الثقة من التعاون الصادق بين الأشقاء.