المغرب يطلق حملة غير مسبوقة لمحاسبة المفسدين في الجماعات المحلية: رؤساء تحت التحقيق والعزل

يشهد المغرب حملة غير مسبوقة لمحاسبة الفساد في تدبير الشأن المحلي، بعدما كشفت تقارير المفتشية العامة للإدارة الترابية عن خروقات جسيمة داخل عدد من الجماعات الترابية، دفعت وزارة الداخلية إلى إحالة ملفات ثقيلة على أنظار القضاء، وفتح تحقيقات مع منتخبين محليين، من بينهم رؤساء جماعات حاليون وسابقون.

وفي هذا السياق، باشرت الفرق الجهوية للشرطة القضائية والدرك الملكي، خلال الأيام الأخيرة، الاستماع إلى عدد من المسؤولين المحليين في أقاليم وزان وسيدي سليمان والخميسات والقنيطرة وأزيلال، بناءً على تعليمات صادرة عن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط. وشملت التحقيقات رؤساء جماعات من الأغلبية والمعارضة، إضافة إلى منتخبين سابقين ظلت شبهات الفساد تلاحقهم حتى بعد مغادرتهم للحقل السياسي.

مصادر مطلعة أكدت أن الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بالرباط استمعت إلى مدير سابق للمصالح بجماعة ترابية بإقليم الخميسات، إلى جانب تقنيين ورؤساء مصالح وموظفين إداريين، إثر رصد المفتشية العامة لاختلالات في التسيير وتلاعبات في تقدير الرسوم الجبائية.

وقد بادر عدد من عمال الأقاليم في المغرب إلى توقيف رؤساء جماعات ومنتخبين، ووجّهوا استفسارات رسمية إلى آخرين، في أفق عزلهم من مهامهم، بعد إحالة ملفاتهم على المحكمة الإدارية بالرباط. ويأتي ذلك في ظل انتقال سلطة العزل من يد سلطة الوصاية إلى يد القضاء الإداري، بموجب القوانين التنظيمية الجديدة التي تؤطر عمل الجماعات الترابية بالمغرب.

التحقيقات التي باشرتها المفتشية العامة همّت ملفات حساسة تتعلق بتراخيص التعمير، وتدبير الأراضي الجماعية، ومنح رخص مزورة، وصفقات عمومية مشبوهة، مما دفع وزارة الداخلية إلى إعطاء الضوء الأخضر للولاة والعمال للإسراع بإجراءات الإحالة على القضاء، حماية للمال العام.

وتوقعت مصادر متطابقة أن تتوسع رقعة المحاسبة لتشمل رؤساء جماعات آخرين في مختلف جهات المغرب، بعد إنجاز ما يفوق 20 مهمة تفتيش خلال السنة الجارية، تنفيذاً لتوجيهات صارمة تهدف إلى دعم الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة.

وتحظى هذه الحملة باهتمام واسع من المواطنين، الذين يرون فيها خطوة عملية نحو تطهير المجالس المنتخبة من الفساد، وتعزيز ثقة المغاربة في المؤسسات المحلية، وتحقيق حكامة ترابية تُترجم تطلعات الساكنة إلى تنمية حقيقية ومستدامة.