المغرب يطلق مشروعًا بـ 10 مليارات لتلقيح السحب: هل يتحكم في طقس المنطقة ويثير مخاوف الجيران؟

أعلنت المملكة المغربية عن تخصيص 10 مليارات درهم لمشروع طموح يهدف إلى زيادة التساقطات المطرية من خلال تقنية تلقيح السحب، وهو مشروع يسعى لتحسين موارد المياه وتعزيز الزراعة في البلاد. هذا المشروع، الذي يحمل اسم “غيث”، يأتي في وقت تشهد فيه المملكة تحديات كبيرة مرتبطة بالتغيرات المناخية والجفاف المتزايد.

تلقيح السحب أو الاستمطار الاصطناعي هو تقنية تعتمد على إضافة مواد كيميائية مثل يوديد الفضة إلى السحب لتحفيز تكوين قطرات المطر. الفكرة ليست جديدة، فقد تم استخدامها في دول عدة حول العالم، لكن المغرب يسعى الآن لتوسيع نطاق هذه التكنولوجيا بشكل غير مسبوق في المنطقة. ومع تنفيذ 12 موقعًا جديدًا ومركزين رئيسيين في مناطق تانسيفت الحوز وسوس ماسة، تتطلع المملكة إلى زيادة نسبة التساقطات المطرية في مناطق محددة بنسبة 20 في المائة بحلول عام 2025.

هذا المشروع الضخم يتضمن إنشاء بنية تحتية متطورة تضم 42 موقعًا للاستفادة من السحب وسبعة مراكز كبرى تتولى عمليات الاستمطار. الهدف من هذه المراكز هو تعزيز القدرة على التحكم في الطقس بطريقة تساهم في مواجهة التحديات المناخية المستجدة، خاصة في المناطق التي تعاني من نقص كبير في المياه. ويرى الخبراء أن هذه الخطوة قد تشكل فارقًا كبيرًا في قدرة المغرب على الحفاظ على موارده المائية وتحقيق استدامة زراعية، وهي مسألة حيوية بالنظر إلى الاعتماد الكبير على الزراعة في الاقتصاد الوطني.

لكن هذا الطموح المغربي لا يخلو من المخاوف، خاصة من قبل الدول المجاورة. فبينما ينظر المغرب إلى هذا المشروع على أنه حل مبتكر وضروري، تثير هذه الخطوة تساؤلات ومخاوف لدى بعض دول الجوار بشأن التأثيرات المحتملة على مناخ المنطقة ككل. فتلقيح السحب يمكن أن يغير من أنماط هطول الأمطار، وهو ما قد يؤدي إلى تداعيات بيئية غير متوقعة، ليس فقط داخل المغرب، بل في المناطق المجاورة أيضًا.

الدول المجاورة للمغرب أبدت قلقها من هذا المشروع الطموح، حيث يخشى البعض من أن تلقيح السحب قد يؤدي إلى تحويل مسار السحب وتقليل نسبة الأمطار التي تصل إلى أراضيها. وفي ظل هذه المخاوف، قد تشهد المنطقة توترات سياسية تتعلق بتقاسم الموارد المائية العابرة للحدود.

في هذا السياق، يتعين على المغرب أن يتعامل بحذر مع هذه المخاوف، وأن يسعى إلى التفاوض مع جيرانه لضمان تحقيق التوازن بين مصالحه الوطنية وحقوق الدول المجاورة. الحوار الإقليمي سيكون مفتاحًا لضمان نجاح هذا المشروع دون التسبب في نزاعات بيئية أو سياسية. ومع ذلك، يظل مشروع “غيث” علامة فارقة في مسيرة المغرب نحو تحقيق استدامة بيئية واستخدام التكنولوجيا الحديثة في معالجة مشكلات المياه المتزايدة في ظل التغيرات المناخية.

وفي نهاية المطاف، يبقى السؤال الأكبر حول مدى فعالية هذه التقنية وقدرتها على تحقيق النتائج المرجوة في مواجهة تحديات المياه، وكيف سيتعامل المغرب مع ردود الفعل الدولية تجاه هذا المشروع. لكن الأكيد أن المغرب يظهر إرادة قوية في مواجهة التحديات المناخية بطرق مبتكرة، حتى وإن كانت تلك الطرق تثير تساؤلات حول آثارها البيئية والجيوسياسية على المدى الطويل.